تطبيع الكوارث والفواجع وتدجين العزائم !..
بقلم مهدي قاسم
عملية تطبيع لشيء ما ، غير مرغوب به مثلا ، بل مرفوض أصلا :أي شيء هجين ،مشوّه ، ضار ، مؤذ ، أو متناف ومتنافر مع بعض قيم ومبادئ وخصال إنسانية وحضارية ، ومن ثم السعي بمختلف طرق ووسائل التوائية أو قوة عنف إجبارية ، لجعله مقبولا في كل الأحوال ورغما على الإرادة الجماعية الرافضة بداية ..وضمن هذا المفهوم فقد تعرض المجتمع العراقي إلى أنواع وأصناف شتى من عملية تطبيع وتدجين مختلفة ومتعددة ذات أبعاد كارثية و فجائعية رهيبة متكررة بشكل متواصل ، كل ذلك بغية قبول بها ،كأمر واقع ، فُرض بإكراه و إجبار عجيبين ، من ذلك ــ مثلا ــ مظاهر فقر وعوز و حرمان ، وسوء خدمات و كثرة فساد وسرعة انتشاره ،فضلا عن عمليات إرهابية يومية ، استمرت لسنوات طويلة ، موقعة عشرات آلاف من ضحايا مسالمين ، و خاصة في عهدي المالكي الكارثيين ..والآن ها هي ظاهرة سلسلة حرائق ، شبه يومية ، وبدوافع إخفاء جرائم أو قضايا فساد بدأت تندلع هنا وهناك في أرجاء مختلفة من مناطق العراق تُطال مستشفيات ومحلات ومتاجر كبيرة وبعض دوائر حكومية حسّاسة ، من حيث أصبحت هذه الحرائق اليومية ، كأمر واقع أيضا ، ومن كثرة تكرارها أصبحت كأنما شيئا قائما مسلّما به في كل الأحوال ، لدفع الناس إلى قبولها كظاهرة ” عادية ” يجب التعايش معها ومع نتائج أضرارها المادية والبشرية في آن، كأنما كضرب من ضروب قدر مفروض فرضا لا مهرب منه ، أن شاء الناس أم أبوا ..ولكن الأعجب ما في هذا الأمر هو : سرعة نجاح عملية التطبيع للكوارث و الفجائع و فرضها لتصبح مقبولة نفسيا من قبل أفراد المجتمع ، بتواز مع تدجين العزيمة وإرادة الرفض و قهر المقاومة الطويلة ، لتبدو هذه الإرادة أو العزيمة خائرة ومستسلمة ,,,,كما إرادة خراف مستسلمة أمام هجمات ذئاب رمادية !..و المثير في هذا الأمر كله هو ما من أحد يسأل مستغربا :ــ لماذا ، فجأة ، إشعال عشرات حرائق ، ودفعة واحدة هنا و هنالك فيمختلفة ؟.. فما هي الدوافع الكامنة وراء ذلك ؟..وأية أيد قذرة و خبيثة مجرمة تقف خلف كل هذ ؟!..