المحاضرون المتطوّعون .. ركيزة أهملت حقوقهم
المحاضرون المتطوّعون .. ركيزة أهملت حقوقهم – مارد عبد الحسن الحسون
(يرتكز الوطن، اي وطن ، على ثلاثة ، فلاح يغذيه ، وجندي يحميه ، ومعلم يربيه) هذا هو منطلق اية دولة تضع على جدول اولوياتها حقوق هؤلاء المواطنين الثلاثة ، وبعدها تأتي فرعيات بنائها وصيانتها وتطوير وجودها ، واي اخلال بهذه المعادلة الثلاثية فان فرصة البناء الصحيح معرضة الى الضعف ، بل والانهيار حتماً والا كيف يستقيم بناء الدولة اذا حصل اختلال افتقدت فيه الدولة جهود احد هذه الشرائح الاجتماعية ،ماذا تأكل،ومن يحمي سيادتها ، ومن يعلمها وينشر فيها المعرفة التي تعزز مكانتها بين الدول الاخرىلنتصور الامر بمقاربة اكثر ، ونبحث ميدانيا ما في الحالة العراقية ، فاننا حتما نجد ان كل الماسي التي تعرض لها العراق تعود للقصور في فهم المشاكل الي ضربته اذ لو كان العراق مكتفيا غذائياً بجهود فلاحية ولو كانت هناك منظومة امنية متماسكة وهامش من العلوم والمعرفة التي يوفرها المعلم على اساس الوعي الوطني والسلوك التربوي الذي يفرق بين الخير والشر ، بين الجهل والمعرفة ويضمن تطبيق العلاقات داخل الدولة ، وبينها وبين الدول الاخرى على اساس المصالح المشروعة لكان العراق على الطريق الصحيح .ان مايهمني الحديث عنه في هذه المقالة المعلم من زاوية النكسة الاجرائية التي اصابت مجلس النواب عندما صوت على موازنة عام 2021 واجازها دون ان يهتم بموضوع المعلمين والمدرسين المتطوعين مجاناً لدعم العملية التدريسية ، ان هناك بحدود260 الف متطوعة ومتطوع في هذا الميدان وكانت كل الوعود البرلمانية والحكومية والاحزاب قد اكدت بان قضيتهم ستكون على راس الميزانية في رصد الاموال اللازمة لتعينهم على الملاك الدائم، او بعقود ثم تبين ان كل الوعود التي اعطيت لهم كانت وعود تخديرية مزيفة، ان من يقرأ التقارير والاخبار والتصريحات التي نشرت على هامش المناقشات التي جرت لأبواب الموازنه سيجد كم هي كثيرة الاشارات التي اطلقت لرعاية حقو ق هؤلاء المحاضرين الذين كانوا يضغطون على انفسهم رغم شدة الحاجة الاقتصادية التي يعانون منها ويوالون الحضور الى المدارس والالتزام الدقيق بواجب تعليم التلاميذان اغلب المعلمات والمعلمين المتطوعين المحاضرين يأتون من مناطق سكناهم البعيدة التزاماً بالدوام ، بالرغم من الصعوبات المالية والوقت وخصوصاً ما تتعرض له المتطوعات ان المصادقة البرلمانية على موازنة عام 2021 وصدورها منه جاءت خالية من التخصيصات اللازمة لحقوق المحاضرين المتطوعين مما يكشف سوء النظرة التي تعاطى بها النواب مع هذا الموضوع الوطني التربوي المهم اصلا في حين مرروا ابواباً في الموازنة يمكن حذفها لكنها حصلت على موافقتهم لأنها ترتبط بمصالح وخدمات حصصية ولذلك اجيزت ، وهكذا تصدرت المكاسب الكمالية على حساب حقوق مواطنات ومواطنين عراقيين تميزت مواقفهم بالاثرة الحسنة والمبادرات غير التقليدية، ثم كيف اهمل النواب هذا المطلب المحق وهو من جملة مطالب الحراك الشعبي.لقد اغتيل هذا المطلب المعاشي المستند الى حقوق مواطنات ومواطنين شرفاء وما جرى كما اسلفت نكسة تضاف الى قائمة النكسات الاخرى مع الاسف ، واقول شرفاء لأنه بالخدمة التطوعية المجانية تنهض الاوطان ، ومن العهود الوطنية ان يتم تكريم هؤلاء الفرسان.لقد اتيح ويتاح لي خلال زياراتي الى مدن وبلدات وخصوصاً مناطق ريفية ، كم هي كبيرة تلك الانجازات التي قدموها ،فلقد سمعت وشاهدت ولمست لمس اليد انه لولا جهود هؤلاء المحاضرين المتطوعين لأغلقت العديد من المدارس ابوابها، ولولاهم ايضا لما بقيت مدارس مفتوحة، فبجهدهم العلمي والتربويي استمرت الدراسة، واعتقد ان هذا الموضوع سيكون له تداعيات سلبية على الواقع المعاشي لهؤلاء المواطنين.