صور جفاف لم يحدث منذ 2007.. السدود الإيرانية تهدد أنهار محافظة عراقية بالاندثار
بعد موسم جفاف قاس حدث عام 2007، دخلت محافظة ديالى منذ أسابيع موجة أخرى ربما تكون من بين الأكثر ضراوة في تاريخها، لأسباب متعددة، ما أثار قلق الأوساط الحكومية التي تحاول قدر الإمكان التخفيف من وطأة ما يحدث.
ويمثل تأمين مياه الشرب وسقي البساتين قدر الإمكان، في مناطق جلها زراعي، عامل مؤرقاً لتفادي كارثة أكبر، الأمر الذي يفسّر زيارات وزير الموارد المائية المتكررة إلى بعقوبة للوقوف على طبيعة الموقف بشكل عام.
قائممقام قضاء بعقوبة، عبد الله الحيالي، أكد في حديثه، أن “الموقف المائي في ديالى ككل، صعب جداً، خاصة وأن 70% من مناطق المحافظة ومنها بعقوبة تعتمد بالأساس على بحيرة حمرين (58 كم شمال شرق بعقوبة) في تأمين احتياجاتها من مياه الشرب وسقي المزروعات من خلال الأنهر المتدفقة من سدة الصدور الروائية التي تحصل على مياها بنسبة 100% من البحيرة بشكل مباشر عبر نهر ديالى”.
وأضاف الحيالي، أن “ديالى دخلت إلى نفق الجفاف الثاني في القرن الـ 21 بعد موجة 2007، وربما تكون أكثر قساوة، لأن انحسار المياه في الأنهر والجداول القادمة من خلف الحدود (إيران) ليس مؤقتاً، بل دائمي بعد إقامة سدود”.
ولفت إلى أن “موسم الجفاف دفع وزارة الموارد المائية إلى إحياء مشروع تعزيز نهر خريسان عبر أنابيب بطول عدة كيلومترات، لنقل مياه نهر دجلة من مشروع أسفل الخالص إلى بعقوبة، بعدما كان المشروع معلقاً منذ 2008″، مشيراً إلى أن “أهالي مركز المحافظة سوف يشربون مياه دجلة لأول مرة في تاريخهم”.
وأوضح، أن “مشروع تعزيز نهر خريسان حدد له 30 يوماً لتنفيذه، لكن تواجهنا معضلة أخرى، وهي التجاوزات ووجود ضغوط تمنع إزالتها أكثر من مرة، ما يستدعي موقفاً حكومياً حازماً لأننا أمام كارثة تهدد الجميع وتطبيق القانون هو طوق النجاة الوحيد”.
وفي موقف سياسي حول الموضوع، أقر عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى، النائب مضر الكروي، بأن الموقف المائي في ديالى حرج جدا، والتقارير تدل على أن من 60-70% من إيرادات المياه في الأنهر القادمة من إيران انخفضت في الأشهر الأخيرة فيما تم إقامة سد على وادي حران، الذي كان شرياناً مائياً للمدن الحدودية في مندلي وقزانية وبالتالي أصبحت المشكلة مركبة”.
وأضاف الكروي في حديث تابعته (الاولى نيوز)، أن “الموقف يستدعي تدخل الحكومة في بغداد لمفاتحة إيران، والسعي إلى عقد اتفاقيات تضمن حقوق العراق في الانهر والجداول المشتركة”.
أما رئيس كتلة بيارق الخير النيابية، النائب محمد الخالدي، وهو من أهالي مدن حوض حمرين، قال : بدون مياه، ستُخلق أزمات عميقة في ديالى وبقية مناطق العراق”، مشيراً إلى أن “الحكومات المتتالية لم تعطِ اهتماماً أكبر في ملف الأنهر المشتركة مع دول الجوار، والآن ظهرت نتائج عدم الاهتمام في هذا الملف الحيوي”.
وأضاف الخالدي، أن “دول الجوار ومنها إيران وتركيا، لديها مصالح اقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات سنويا ويمكن استثماره تلك العلاقة في دفعهما إلى طاولة حوار استراتيجية، حول ملف المياه لضمان حقوقنا في الأنهر المشتركة”.
وفي موقف سياسي آخر، أوضح النائب فرات التميمي، الذي كان رئيس لجنة الزراعة والمياه في الدورة السابقة، أن “الموقف المائي في ديالى هو الأصعب على مستوى العراق، وستظهر حقيقته في الصيف المقبل”.
ولفت التميمي إلى أن “زيارة وزير الموارد المائية المتكررة، تدلل بأن هناك مشكلة كبيرة في المحافظة، والوزارة تسعى إلى حلول عاجلة لتفادي كارثة”، مضيفاً أن “مليون إنسان في ديالى سيتضرر من الموجة المقبلة، خاصة في حوض نهر ديالى”.
وفي سياق التفاصيل، أشار مدير ناحية السعدية (60كم شمال شرق بعقوبة)، أحمد الزركوشي إلى أن “بحيرة حمرين التي تشكل خزين ديالى الاستراتيجي من المياه، فقدت أكثر من 60% من خزينها، وبدأت علامات الجفاف تظهر في أطرافها”، موضحاً أن “الكثير من المناطق بدأت تعاني بشكل كبير في الأشهر الأخيرة”.
وأضاف الزركوشي، أن “المعاناة كانت أكبر مع وصول المياه في نهر ديالى التي انحسرت بشكل غير مسبوق، ما دفعنا إلى حفر مسارات لتأمين وصول المياه إلى محطات الإسالة، ولا نعرف كيف سيكون الوضع في الصيف المقبل.