الصفحة الجديدة بين بغداد والرياض
د. فاتح عبدالسلام
العراق والسعودية بلدان عربيان متجاوران، يتصدران الدول النفطية في منظمة اوبك، لهما مشتركات كثيرة، وبعضها استراتيجي حيث للعراق حدود مع ايران وتركيا البلدين اللذين لهما ملفات صاخبة مع السعودية.حدثت قطيعة كبيرة بين العراق والسعودية في أعقاب غزو الكويت، وتصاعد العداء بينهما سنوات طويلة حتى سقط النظام السابق في الحرب الامريكية التي لم تذر أخضر ولا يابساً إلا وحرقته بالنيابة أو بالاصالة.، وبعدها قامت حكومات عديدة في بغداد، وزار رؤساؤها الرياض، في حين بقيت العلاقات متعثرة وغائمة بل متشنجة أحياناً. لكن في السنتين الاخيرتين يبدو انّ الحال تغيّر بشكل نوعي لتجاوز الماضي الاليم، بل تجاوز التقصير الفظيع في عدم الافادة من السنوات التي تلت التغيير بالعراق للانطلاق نحو بناء علاقات مثمرة .لا توجد معلومات ثابتة عن سر التغير في العلاقات العراقية السعودية، بالرغم من انّ النظامين السياسيين هما نفساهما من دون تغيير، لكن هناك رؤية جديدة ذات بعد استراتيجي لدى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، ليس إزاء العراق وحده، وإنّما في الاطارين الاقليمي والدولي، وكان العراق في قلب اهتمامات هذه الرؤية التي تسير عليها السعودية لتعزيز التعاون الاقليمي بما يكون موازياً للتعاون الدولي الذي تعتريه هزّات أحياناً.هناك آمال كبيرة في أن ترافق الاتفاقات العراقية السعودية ضمانات ذاتية وضمنية من البلدين لحماية مكتسبات البناء الاخوي بينهما، ومن ثمّ البناء الاستثماري والأمني والسياسي العام، وعدم اتاحة الفرص لأي عامل خارجي قد يحاول زعزعة الثقة وتهديم ما تمّ بناؤه.الصحيح الذي يجب أن يسود هو علاقات استراتيجية غير قابلة للتبديل والتحويل والتصدع، وهذا يتطلب عملاً من الحكومات التالية في بغداد، كما ينبغي أن تضع الرياض في حسبانها انّ العراق بلد ستحكمه الاحزاب وما يترتب على حكمها من تداعيات، الى ما شاء الله.