قانون للفقرة المطاطية المبيّتة
د. فاتح عبدالسلام
التعديل الذي جرى التصويت عليه بشأن قانون المحكمة الاتحادية مهم وأساس في سياق اصلاح سياسي وقضائي، لكنه ليس كلّ شيء . العبرة في تحويل أي وظيفة لمؤسسة سيادية كبيرة الى النطاق الاستقلالي البعيد عن التأثيرات السياسية مهما كانت، وهذا المرجو من التصويت الاخير في النهاية.البلد يحتاج الى قانون لكل قانون يحميه ويسنده، فلقد أصبح منذ ست عشرة سنة دستور جديد في العراق ولكن مَن هم الذين التزموا به، بل مَنْ هم الذين لم يكسروه بتلك التوافقات والبدع السياسية والطبخات الليلية في منازل المنطقة الخضراء؟لا معنى لأي تشريع اذا كانت النية مبيتة في انتهاكه أو تهميشه أو تعطيله أو تجاهله كأنه ليس موجوداً. فالدستور العراقي مثلاً يمنع قيام المليشيات ووجود السلاح خارج نطاق الدولة، لكن الحال يقول شيئاً آخر .انَّ البلد مقبل على انتخابات، تبدو محاصيلها واضحة منذ الان، وفي الافق توقعات في العودة الى ذلك الضياع واللعب بمصير البلد من خلال مفهوم مطاطي للكتلة الأكبر، وهو جدل انتهازي مبيّت جرَّ البلد الى مآسٍ كثيرة، وسوف يتكرر الوضع لا محالة، وانَّ من باب أجدى ان يكون لتلك الفقرة الخلافية المبهمة المعدة سلفاً للمناورة والمخاتلة السياسية قانون خاص، اسمه قانون الكتلة الاكبر، يجري التصويت عليه في البرلمان وعدم تركه لتفسير المحكمة الاتحادية، ومسلسل كتابنا وكتابكم. اعتقد انه لا توجد نقطة خلافية اكبر من بدعة الكتلة الاكبر التي لم ينصر تفسيرها الدستور نفسه.لقد ضاع من العراق الجريح والنازف والمبتلى بالفساد والخزعبلات الفكرية سنوات في غاية الاهمية، لم يتم فيها انجاز شيء حقيقي للبلد والاجيال، حتى قانون المحكمة الاتحادية جاء اليوم في توقيت سياسي ،وهو مجرد فقرة كان من المفترض انجازها قبل عقد من الزمان، لكي يتفرغ برلمان الشعب لما يمس قوت الانسان وتعليمه وصحته ومواصلاته وطموح اطفاله ومدنية المجتمع.