متى يكون التمرد على السائد ضرورة حياة؟
د. نزار محمود
في البدء لا بد لي من التعبير عن سروري للاستماع لمحاضرة الدكتور مسعود حمدان، الاستاذ في جامعة حيفا، على محاضرته حول الحداثة في الأدب العربي، ومثال ” أدونيس” في شعره، التي دعا لها ونظمها الملتقى العربي للفكر والحوار في برلين يوم الثالث والعشرين من شباط من العام ٢٠٢١، وشارك في نقاشاتها، عدد من مثقفين ومفكرين وطلبة جامعات.فالحداثة، بمفهوم التجديد، سنة حياة لا تعرف جموداً ولا سكون. فكل صباح جديد يحمل اضافة في ديمومة استمرار تلك الحياة. لست أدري كيف أفهم، من لا يفهم ذلك؟! وحسبي ما أردده دائماً: من لا يأتي بجديد، فليس بجديد على الحياة. وهذه بالتحديد مسؤولية مفكرينا وشعرائنا وعلمائنا وفنانينا ممن تشتعل في رؤوسهم جذوة الحياة وتنبض في صدورهم قلوب حية.والحداثة في مفهومها وأهدافها واشتراطاتها حالة فعل إنساني، وهي حالة تمرد دائم على السائد الذي لا ينبغي أن يصح على الدوام. وهكذا جاءت المحاضرة لتتكلم عن الحداثة في شعر أدونيس فلسفة ومضموناً وشكلاً وبناء، لكنها لم تكن لتنجح في إيصال رسالتها دون عرض تمهيدي لأوعيتها الحاضنة من فلسفية وجمالية وأخلاقية وروحية وغيرها، وهو ما نجح فيه الدكتور مسعود في جزالة طرحه وفي دقائق معدودة. لكن للتمرد ” الإيجابي” الفاعل اشتراطاته، فهو ليس تمرد من أجل التمرد، ولا ينبغي له أن يكون حالة استلاب مغلوبة دون فعل تغيير وتجديد نحو الأحسن والأفضل. بيد أن تلك المخاوف يجب أن لا تتحول، أو تستخدم، كمعاول قمع لفكرة التمرد أو الرغبة فيه! وهنا أخلص إلى جملة من التأملات:-ان التمرد على السائد التقليدي العاجز عن مواكبة تطور الحياة مسألة لا مناص منها
.- ان هذه الحالة “التمردية” يجب أن تزرع وتدعم في عقول ونفوس أطفالنا وهم يرتقون درجات حياتهم.- ان الاكتشافات والاختراعات العلمية والأساليب الأدبية والفنية الأكثر قدرة على اشباع حاجات البشر والتعبير عن أحلامهم وأفكارهم وأحاسيسهم لا تستقيم دون تمرد على السائد الساكن. في الختام أقول: نحن العرب في وضعنا السائد البائس أشد ما نحتاج إلى التمرد الواعي والصادق والجريء، دون تهور أرعن أو تقليد بليد!