شاهد على أي تاريخ؟
د. فاتح عبدالسلام
هناك نشاط اعلامي كبير على الانترنت في تقليب صفحات مخفية من تاريخ العراق لاسيما في الأعوام الثلاثين التي سبقت احتلاله في العام ٢٠٠٣ . وبات انشاء قناة على يوتيوب أمراً سهلاً، وفي بعض الاحيان مربحاً. اللافت انّ المعروض من خفايا لأحداث وقعت وكان الناس على معرفة بحدوثها أو تلك التي لم يسمع بها الناس من قبل، يتم من وجهات نظر فردية غالباً. أي انّ ضابطاً أو مسؤولاً سابقاً أو شقيق ضحية من ضحايا النظام السابق، يقوم بعرض روايته لحدث يخصه. في علم التاريخ تكون تلك الروايات بحاجة الى توثيق من مصادر مختلفة عندما يكون مصدرها فرداً لا ثاني له، بالرغم من كثرة شهود العيان الذين لايزالون على قيد الحياة. وبالرغم من ذلك فإنّ كثيراً من الحلقات التي سردها أشخاص مختلفون في قنوات اليوتيوب سلطت الضوء الكاشف على طبيعة وجود فترة سياسية مهمة من تاريخ العراق، ربما سيستمر الخلاف بشأنها على مدى نصف قرن في أقل تقدير، لاسيما انّ شخصيات عربية من خارج العراق لها صلة ببعض الاحداث العراقية ولها رأي فشي ما جرى .الان ، مضى على الحكم الجديد ما يقرب من ثماني عشرة سنة، احتوت على أحداث قاسية ودموية وغامضة ومثيرة للجدل ، بما يزيد على ما ضمّته من مصائب الفترة السابقة من تاريخ البلد، الذي يشهد في كل حقبة زمنية سياسية اختطافاً من نوع ما .غير انّ كاشفي أغطية أحداث هذه السنوات التي أعقبت الاحتلال، لا يزالون قلّة نادرة ، وإن وجدوا فإنّهم بصدد تناول ملف أو اثنين قبل ان يختفوا من الشاشات لأسباب مختلفة، بينها الضغوط السياسية والتهديدات الشخصية وسواها.في هذه الحقبة الجديدة، توجد ميزات لم تكن تتوافر عليها الفترات السابقة، وأبرزها التوثيق بالصورة والصوت واستخدام تكنولوجيا الاتصالات المختلفة التي تساعد في تعزيز رواية شاهد العيان. ومع ذلك لا تزال الحصيلة قليلة في الكشف، بالقياس الى مستوى الاحداث العظيمة التي غلّفها الغموض القسري، بالرغم من انّ فيها مصائر شباب وعوائل، وربما تنطوي على قصص تقطر دماً ودموعاً لجيل مطحون جديد.