القطاع المصرفي الخاص التحديات واستراتيجية تفعيل دوره في التنمية المستدامة
لا يخفى على المختصين وعلى الكوادر المصرفية العاملة في القطاع المصرفي الخاص الظروف الاقتصادية المعقدة وتداعيات انتشار فايروس كورونا والتجاذبات والصراعات السياسية من قبل الأحزاب والكتل السياسية أدت إلى ضرر كبير بالاقتصاد الوطني وتوقف الدورة الاقتصادية والركود الاقتصادي يضاف إلى ذلك التراكمات والتداعيات في عدم وجود منهج اقتصادي واضح للحكومات السابقة والضبابية وارتباك الرؤية للإصلاح الاقتصادي الحقيقي.
وبما أن القطاع المصرفي هو الحلقة الأساسية في تنشط العملية الاقتصادية لذلك فالظروف الحالية ساهمت في ضعف النشاط المصرفي مما كان له تأثيراته الواضحة على نقص السيولة والايرادات وانخفاض الودائع والائتمان والقروض والتسهيلات المصرفية بسبب توقف الدوام أثناء حظر التجوال الشامل لاكثر من 30 يوما وتقليص الدوام والنشاط المصرفي أثناء الحظر الجزئي للتجوال مما أدى إلى انخفاض كبير للإيرادات.
وبالرغم من الإجراءات العديدة التي اتخذها البنك المركزي في تقديم حزمة تسهيلات عديدة للمصارف منها تعزيز سيولتها بتخفيض نسبة الاحتياطي القانوني وتأجيل اقساط القروض وإيقاف وتأجيل الغرامات المفروضة على المصارف.
واستنادا لتحليل البيانات والاحصائيات الرسمية. فان هيكل القطاع المصرفي العراقي يتكون من ٧ مصارف تستحوذ على ٨٦% من مجموع ودائع الحكومة والجمهور وعلى ٧٨% من مجموع الموجودات والمصارف الخاصة تشكل ٧٢ مصرف تجاري واسلامي وتستثمر ٧٨% من رأسمال القطاع المصرفي العراقي ولم تحصل سوى على ١٣% من مجموع الأرباح السنوية المتحققة على المستوى الإجمالي وان الاهداف المرسومة للقطاع المصرفي في جميع البرامج الحكومية للحكومات السابقة تتركز على تحقيقها هو الإقراض من أجل التنمية واعتبار المصارف عتلة التنمية واعادة الثقة مع الجمهور وتحقيق الشمول المالي بمعنى التوسع والانتشار بتقديم المنتجات والخدمات المصرفية وممارسة العمل المصرفي الحقيقي والتحول الرقمي للقطاع المصرفي.
ومن خلال نظرة تحليلية لواقع الاقتصاد العراقي والتحديات التي تواجه السياستين المالية والنقدية وبشكل خاص تحفيز وتنشيط الاقتصاد بالتمويل المصرفي والتسهيلات المصرفية تقف التحديات اعلاه أمام تنفيذه في الوقت الحاضر بالرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها البنك المركزي منذ ٢٠١٦ بتنفيذ أهداف استراتيجيته للسنوات (٢٠١٦‐٢٠٢٠) والتي تحقق منها أهداف مهمة واساسيه أبرزها التطورات البنيوية والهيكلية والتقنية في المصارف وزيادة نسبة الشمول المالي والاستثمار في راس المال البشري والسير بخطى حثيثة نحو الاستقرار في النظام النقدي وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف منذ 2018 ومازال إلا أن المصارف الخاصة بحاجه ماسة وفورية إلى الدعم الحكومي من خلال دراسة مشاكلها في الظرف الراهن في خلية الطوارئ للاصلاح المالي المشكلة في مجلس الوزراء لغرض إنقاذ بعض المصارف الخاصة من الانهيار . لذلك نقترح مايلي :‐
اولا‐ أن طبيعة نشاطات المصارف تعتمد على طبيعة نشاطات القطاعات الاقتصادية، ومادام النشاط الاقتصادي يتركز في التجارة (الاستيرادات) يبقى نشاط المصارف متركزاً على التحويل الخارجي وما يرتبط بذلك. لذا مالم تتحرك القطاعات الاخرى (الصناعة، الزراعة، السياحة وغيرها) لانتوقع تنوع النشاط المصرفي.
والجدير بالذكر انه بدون السيطرة على الاستيرادات سوف لن تنهض تلك القطاعات، وهو مايفسر عدم التقدم على قروض جدية من خلال مبادرة البنك المركزي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ثانيا‐ لابد من توفير البيئة القانونية وبسط سلطة القانون من أجل القضاء على ظاهرة التعثر في تسديد القروض حيث بلغت الديون المتعثرة بحدود (٥ تريليون دينار) لغاية ٣٠ / حزيران /٢٠٢٠ وهي تشكل نسبه كبيرة من مجموع الائتمان الممنوح وبالتالي احجام المصارف عن تقديم القروض والتسهيلات المصرفية لذلك نرى أن عدم تفعيل قرارات مجلس الوزراء ولجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء والتي سبق أن صدرت سابقا لدعم القطاع المصرفي وبشكل خاص المصارف الخاصة ادت الى عرقلة اعمال وانشطة المصارف الخاصه واثر بشكل كبير على سيولتها وايراداتها وودائعها لذلك ولغرض تجاوز أزمة المصارف وبما يضمن انتقال المصارف من دور الصيرفة إلى الدور التنموي وتنشيط العمل المصرفي في الظرف الراهن يتطلب من الحكومة وبالذات مجلس الوزراء الموقر وخلية الطوارئ بتفعيل القرارات التي سبق ان أصدرها مجلس الوزراء ولجنة الشؤون الاقتصادية وهي كما موثقة بالارقام والتواريخ التالية:-
ثالثا‐ تفعيل جميع قرارات لجنة الشؤون الاقتصادية الخاصة بدعم المصارف الخاصه وبشكل خاص ماياتي:‐
١‐قيام وزارة المالية بتغيير قرارها بعدم قبولها بفتح حسابات مصرفية للوزارات ودوائر الدولة في المصارف الخاصة وحصرها في المصارف الحكومية بموجب كتابها ٢٠٧ بتاريخ٢٠١٩/١/٣١
٢‐تفعيل قرار السماح للوزارات والدوائر الحكومية بفتح الاعتمادات المستندية في المصارف الخاصة لغاية ٥٠ مليون دولار بدون المرور بوزارة المالية والمصرف العراقي للتجارة.
٣‐تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم ١١٠ لسنة ٢٠٠٩ وقرار لجنة الشؤون الاقتصادية ١٤١ بتاريخ٢٠١٢/٢/٢٠ بخصوص تحويل الاعتمادات المستندية المصرفية الحكومية لغاية ٣٠ مليون دولار إلى المصارف الخاصة من خلال المصرف العراقي للتجارة.
٤‐تفعيل قرار لجنة الشؤون الاقتصادية رقم ٢٥٣ لسنة ٢٠١٥ بخصوص قبول الصكوك المصدقة من المصارف الخاصة لدفع التأمينات والرسوم الكمركية والضرائب.
رابعا‐ تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم ٣٧٨ لسنة ٢٠١٨ والخاص بجباية الرسوم الحكومية في دوائر الدولة من خلال الدفع الإلكتروني.
خامسا‐ تفعيل محكمة الخدمات المالية المشكلة وفقا لقانون البنك المركزي ٥٦ لسنة ٢٠٠٤ وللمحكمة إحالة الدعاوى التي يتطلب إحالتها للمحاكم المختصة وفقا لقانون العقوبات النافذ.
سادسا‐ اعتبار دعاوى الديون المتعثرة بذمة الزبائن في المصارف الخاصة دعاوى مستعجلة وديون ممتازة أسوة بالديون الحكومية.
سابعا‐ اضافة الى مايقوم به البنك المركزي من جهود يتطلب قيام الحكومة ايضا بالعمل على توفير الظروف واتخاذ الإجراءات لمساعدة المصارف الخاصة على الحصول على التصنيف الائتماني المعتمد دوليا وبالتالي تعزيز العلاقات المصرفية الدولية مع البنوك المراسلة.
ثامنا- قيام وزارة المالية بتعويض الإضرار في الموجودات النقدية والثابتة التي خسرتها فروع المصارف الخاصة والتي تبلغ (٣٧) فرعا في المحافظات التي احتلها داعش الإرهابي عام 2014 وهي موثقه لدى البنك المركزي العراقي.
تاسعا‐ تفعيل قرارات مجلس الوزراء رقم ٣١٣ لسنة ٢٠١٦ ورقم ٢١٨ لسنة ٢٠١٧ والخاص بتوطين رواتب الموظفين والطلب من الدوائر الحكومية لتوطين رواتبهم حسب رغبتهم وعدم توجيههم لتوطين الرواتب في مصارف حكومية حصرا.