اسواق كردستان تعيش ركوداً اقتصادياً غير مسبوق وشلل تام في قطاعات متعددة
تعيش أسواق مدن إقليم كردستان ركودا اقتصاديا غير مسبوق، نتيجة لعدة أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وأخرها ما وضعه تغيير سعر الصرف من أثار.
ويشتكي مئات التجار من تكدس بضاعتهم، نتيجة عدم وجود سوق رائجة لها، كذلك تؤشر منظمات محلية ارتفاعا كبيرا بنسبة البطالة، نتيجة تسريح العاملين في الشركات والمعامل والأسواق، بسبب الأزمة المالية والركود الاقتصادي.
وتعد كردستان متفوقة على أقرانها من محافظات العراق الأخرى بتعدد الأسباب التي أدت لهذا الركود، فلم يكن ارتفاع سعر الدولار السبب الوحيد في تلك الأزمة.
الموظفون في الإقليم منذ سنوات يتسلمون رواتبهم بطريقة متقطعة ومع فرض استقطاعات عالية، وادخار إجباري لأشهر عديدة، ناهيك عن جملة أسباب أخرى، أدت لشلل عام في حركة الأسواق.
قطع الرواتب
يقول عثمان سربست وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية إن، “الأسواق في الإقليم تعيش جمودا غير مسبوق، حتى في أعوام الحرب مع تنظيم داعش، وقطع رواتب الموظفين لأكثر من عامين رغم التظاهرات التي نظهما الموظفون في مدن الاقليم”.
ويضيف في حديثه، أن “الأسواق في تلك الأعوام على الرغم من الأزمة المالية اعتمدت على النازحين والذي قدرت أعداهم بحوالي 3 ملايين قدموا إلى مدن الإقليم، وغالبية منهم كان يتقاضى رواتب من الحكومة الاتحادية ويصرفونها في أسواق الإقليم، فضلا عن نشاط الحركة السياحية في تلك السنوات”.
وأشار إلى أنه “في الوقت الحالي يعيش الإقليم وضعا مأساويا، نتيجة لتوزيع الرواتب كل 60 يوما وبنسبة استقطاع تصل إلى 21%، والمواطن يلجأ لسد حاجاته الأساسية فقط، وبالتالي تعرضنا لخسائر فادحة واضطررنا لتسريح العاملين معنا، وبالكاد نستطيع دفع إيجارات المحلات”.
الانهيار
يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة السليمانية خالد حيدر إن، “الوضع الاقتصادي في أسواق الإقليم كارثي جداً، وإذا لم تتوصل حكومة الإقليم لاتفاق مع بغداد بخصوص رواتب الموظفين، فأن الوضع مهدد بالانهيار بصورة أكبر”.
وبين في حديث تابعته (الاولى نيوز)، أن “جملة أسباب أدت إلى هذا الوضع الكارثي، أولها عدم توزيع الرواتب بشكل منتظم، والاستقطاعات العالية على الرواتب، وأيضا انخفاض الإقبال على القطاع السياحي، نتيجة لأزمة فيروس كورونا، فضلا عن عدم الاقبال الكبير من السائحين من محافظات والوسط والجنوب على السياحة في الإقليم، لأسباب تتعلق بالوضع المالي المربك، وعدم معرفة مصير رواتبهم”.
ولفت إلى أن “قلة الدعم الحكومي، وانعدام القروض الممنوحة من البنوك الحكومية والأهلية، فضلا عن الأزمة الصحية، التي أدت لقلة زيارة الوفود والمنظمات الأجنبية، وهؤلاء كانوا سببا مباشرا في تحريك السوق”.
وأوضح أن “القدرة الشرائية للمواطن الكردي ضعيفة جداً، وبات يتوجه لشراء الحاجات الأساسية فقط من الطعام والشراب والدواء، ويهمل الحاجات الكمالية، التي لا يلجأ لها الشخص، إلا عندما يكون مرفها وضامنا لراتبه، بأنه سيوزع بوقت معلوم”.
وتابع أن “قطاعات كاملة أصبح فيها العمل شبه متوقف، مثل قطاع الإسكان وتجارة السيارات، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ومواد البناء وغيرها، وهذه تحتوي على الآلاف من العاملين، الذين تم تسريحهم، وبالتالي، أدى هذا لارتفاع معدلات البطالة”.
بغداد هي السبب يرى عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في برلمان إقليم كردستان نجاة شعبان أن، “الحكومة الاتحادية والكتل النيابية في بغداد هي من تتحمل السبب المباشر لهذا الوضع الاقتصادي السيء في الإقليم”.
واكد في حديثه أن “الجميع يعلم بأن الموظف هو المحرك الأساسي للسوق، ولدينا في الإقليم أكثر من مليون مواطن يتسلمون رواتب بين موظفين ومتقاعدين ورعايا اجتماعية وإعانات، وهؤلاء لم تم إرسال رواتبهم من قبل الحكومة الاتحادية ولم تتعرض للمزايدة السياسية ووزعت بطريقة منتظمة لتحرك السوق من الركود الذي يعيشه”.
وأضاف أنه “عطفا على ذلك فأن الحكومة الاتحادية لم ترسل حقوق الفلاحين في الإقليم، لأكثر من 3 سنوات، وهؤلاء يطلبون وزارة التجارة تقدر بمليارات الدنانير، وهذه المبالغ، لو وزعت بطريقة دورية لساهمت بدفع عجلة السوق”.
واوضح أن “العامل الصحي وأزمة كورونا كان لها تأثيرا أيضا، فقد ساهمت، بتقليل نسبة السياح، وأيضا خفض أسعار النفط، فضلا عن رفع سعر الدولار من قبل الحكومة الاتحادية، وهذا زاد من حالة الركود الاقتصادي إلى الضعف، ونأمل التوصل لاتفاق يضمن التصويت على حصة كردستان في الموازنة والذي يساهم بالتقليل من حالة الركود، خاصة إذا تسلم الموظفين رواتبهم بشكل منتظم كل 30 يوما حال أقرانهم في مدن العراق الأخرى”.