تعليمنا والعصر الرقمي
علي حسن الفواز
مع بدء العام الدراسي الجديد ودخول العراق عصر المنصة الرقمة، تبدو منظومة التعليم أكثر تعبيرا عن الحاجة للتواصل مع تطبيقات العالم الجديد، وأكثر تمثيلا لوعي المعطيات الوقائية التي فرضتها جائحة كورونا، فالواقع العراقي لا يختلف عما هو موجود في العالم، على مستوى اعادة النظر بمفاهيم الصحة والاقتصاد والاجتماع، أو على مستوى التفاعل مع البرامج والمشاريع، التي تخصّ علاقة هذه المفاهيم بحياة الناس، والممارسات الاضطرارية التي لجؤوا اليها، ومدى انعكاسها في واقعهم وعملهم، لاسيما أن تلك الجائحة قد تحولت الى مشكلة عالمية، وأن اللجوء الى الحلول الاستثنائية صار خيارا قارّا، ورهانا على استمرار الناس في حياتهم،
والسعي لتطويرها وايجاد فرص جديدة لهم في التعلّم والمعيش.قد يكون الاصرار على بدء العام الدراسي شجاعة وجرأة، لأنه يعني التحدي والاصرار على المواجهة، لكنه يعني ايضا ضرورة أن يكون هذا التحدي قائما على أسس صحيحة، وعلى ابتكار الطرق العملية والعلمية والوقائية، لحماية ابنائنا الطلبة والملاكات التدريسية من التعرّض للعدوى، فضلا عن حماية العملية التعليمية ذاتها، واهمية الرهان على نجاحها، وأحسب أن دخولنا العصر الرقمي، واعتماد سياقات عمل وتعليم جديدة ستكون اضافة جديدة لمستويات تلك المواجهة، مثلما ترسمان أفقا جديدا على مستوى توسيع المديات التعليمية، وتنمية الخبرات والكفاءات في هذا المجال، وعلى مستوى ايجاد منظومات اكثر فاعلية للتلقي التعليمي، ومن خلال التقنيات الحديثة ومنظومات التواصل الاجتماعي.
” الحاجة أمّ الاختراع” مثل قديم، وحقيقي، ومصاديقه بدت اليوم أكثر حضورا، ليس في العراق وحده، بل في العالم أجمع، فاختيار المنصات الرقمية في العمل المؤسسي، وفي تطوير مجالات التعليم الالكتروني، أضحت واقعا قائما، وممارسات تستدعي جملة من الامكانات والاستعدادات، التي ينبغي لوزارتي التربية والتعليم العالي تأمينهما، وعلى وفق أطر علمية ومناهج حديثة، ليس لزمن محدد كما في واقعنا الصحي، بل لتكون جزءا حقيقا وفاعلا في منظومتنا التعليمية، وفي سياق عمل مدارسنا وجامعاتنا، فضلا عن اهميتها في تهيئة اجيالنا الجديدة للاندماج بالعصر الرقمي من دون عقد ومشكلات وفواصل تعليمية وحضارية.