بيئات طاردة
قاسم موزان
ليس خافيا القول إن بغداد بيئة ثرية في استقطاب وجذب للعمالة الوافدة من المحافظات القريبة والبعيدة والدخول الى سوق العمل، والبحث عن فرص افضل للعيش لوجود المشاريع التجارية والصناعية والانشائية، سواء الحكومية منها او التابعة للقطاع الخاص،
واخرى أعمال فردية ضئيلة الربح لاتكاد تسد الرمق واكثر العمالة القادمة للعاصمة هم الشباب القادرون على البناء والاعمار في محافظاتهم، بما يمتلكون من طاقات كبيرة وتوق عظيم لتغيير واقع مدنهم، فلماذا تفرط الحكومات المحلية بامكانات شبابها، بعد أن منح الدستور العراقي لها صلاحيات ادارية ومالية واسعة بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية وعقد الاتفاقات التجارية او الاستفادة من الرأسمال المحلي في اقامة المشاريع، حسب مبدأ الشراكة، هذا يعني ان هناك تقصيرا واضحا في توفير فرص العمل الملائمة من خلال بناء المشاريع الاستثمارية، او استحداث مشاريع اخرى تتواءم والطبيعة الجغرافية لكل محافظة، ويبدو جليا ان مجالس المحافظات لم تقم بواجباتها، برسم ستراتيجية فاعلة لتشغيل العاطلين والاستفادة من قدراتهم الذاتية بغية انتشالهم من شبح البطالة المسيطرعليهم، من دون اثر للتغيير الايجابي بعد خضوع تلك الحكومات في الكثير من الاحيان للتاثيرات والولاءات الحزبية الضيقة، مما ضيع فرص النهوض بواقع محافظاتهم، بعد تسيد الفساد المالي والاداري، خصوصا المشاريع المتلكئة، التي لم تر النور ابدا، بمعنى ان المحافظات اصبحت بيئة طاردة، لاسيما ان اغلبها كانت بمنأى عن الاعمال الارهابية، وحظيت باستقرار امني الا ماندر وبإطار ضيق، كل هذه الاسباب دفعت الشباب الى ميادين العمل في بغداد إن وجد، مهما كان نوعه سواء في العتالة او العمل في بناء الدورالسكنية او قيادة العربات الخشبية وغيرها، والكثير منهم تكدسوا في الفنادق الرخيصة في غربة واغتراب عن بيئتهم الاصلية، فضلا عن مغريات المدينة والجنوح لها، فاذا بقى الحال كما هو سنشهد افراغ المحافظات من سكانها او البقاء تحت طائلة الظلم.