لو قاطع الكرد الانتخابات العراقية
د. فاتح عبدالسلام
سمعت من سياسي كردي أمس دعوته لقيادته أن تفكر جدياً بالانسحاب وعدم الاشتراك في الانتخابات العراقية المبكرة المقبلة على خلفية أزمة قانون الاقتراض وعدم شمول اقليم كردستان فيه، واستمرار أزمة رواتب موظفي الاقليم .
ذلك ان التصويت بالاجماع بحسب القناعات السائدة ، كسر التوافقات التي اعتاش، ولا أقول اعتاد، عليها البرلمان العراقي في جميع دوراته.
مبدأ التوافق كان أقوى من الدستور وأمضى بأساً وقوة من القوانين وأعلى شأناً من مصالح قطاعات وفئات كبيرة في المجتمع، طوال سنوات عديدة ، واليوم هناك تطوير في أساليب اللعبة السياسية التي ربّما اصيب بعضهم بالعمى المؤقت نحوها في الماضي وحان وقت الإبصار اليوم.
حين كان أحدنا يقول أنَّ التوافقات هي تعبير عن مصالح انتهازية ضيقة وانَّ شهرَ عسلِها مهما طال فإنّه قصير جداً، كنّا نسمع الرد السريع بالشعارات المترعة بكلمات الوطنية ومتطلبات القضايا العليا للبلد، بما يسد الطريق على أي نقاش موضوعي في هذه الجزئية التي نخرت في بنيان الدولة وسفّهت معنى الاداء الحر والديمقراطية.
السياسيون المنغمسين في هذه العملية التي ركبتها الولايات المتحدة بعد احتلال العراق على ثلاث قوائم، ما لبثت في ظرف سريع ان سارت على قائمتين، لتتحول بعدها الى قائمة واحدة تتيح السير عبر القفز لضمان عدم السقوط، ولكن هل يمكن أن تستقيم الحياة السياسية في العراق على هذا النحو؟
الايحاء الكردي في امكانية عدم الاشتراك في الانتخابات المقبلة، ربما يكون قابلاً للتنفيذ، وقد تفكر فيه قطاعات أخرى من العراقيين، ليس شرطاً في هذه الانتخابات القريبة، بل في التي تليها إذا بقيت الازدواجية في التعاطي مرّةً مع الدستور ومرّةً مع توافقات الغُرف المغلقة والهواتف العاجلة آخر الليل.