حتى بعد رفع خيمها : بعض الضباع المسعورة لا زالت تنهش جسد متظاهري انتفاضة تشرين !
بقلم مهدي قاسم
منذ بدايات اندلاع انتفاضة الفقراء والجياع و العاطلين العمل في بغداد و غيرها من محافظات الجنوب ( و التي تُعد الأكثر فقرا وتخلفا في البنى التحتية ورداءة وشحة خدمات ، بالمقارنة مع باقي المحافظات الأخرى شمالا أو غربا ) فمنذ بدايتها سارع بعض المدافعين عن أحزاب سلطة الفساد إلى معاداة المتظاهرين ووصفهم بشتى أوصاف تسقيط وتخوين ، خوفا من أن تؤدي هذه التظاهرات إلى إسقاط نظامهم” الإسلامي ” العظيم والعادل السميح !!، داعين ــ ولو بشكل غير مباشر ـــ إلى ضربهم و تصفيتهم ، بل وتبرير قتلهم وعمليات اغتيالهم بتهمة ” الجوكرية ” ، في حين أن مطالب المتظاهرين كانت ولازالت أكثرمن مشروعة متجسدة أصلا بالخبز والعمل والخدمات وتصفية مظاهر الفساد ، في بلد تزداد فيه أعداد الفقراء والمعدمين يوما بعد يوم ، بتواز مع أعداد العاطلين عن العمل الذين ــ تضيف إليهم أو تقذف الجامعات والكليات الحكومية والأهلية ــ سنويا ــ مئات آلاف آُخر سنة بعد أخرى ، لينضموا إلى جيوش العاطلين السابقين ، في بلد حيث جحافل نساء فقيرات جدا يغوصّن حتى خصورهّن بين تلال نفايات وأكوام قمامة ، بحثا عن خرق بالية وعلب فارغة أو معادن و أشياء أخرى مزنجرة وقذرة ، عسى ولعل يمكن بيعها ببضعة دنانير لشراء رغيف خبز ، في بلد حيث تجري عملية تشغيل الأطفال أو استغلالهم لأغراض جنسية قذرة ، في بلد يفرح المواطن إذا استطاع الحصول على ساعات إضافية من تيار كهربائي أو ماء صالح لشرب ..أجل في بلد نهبوا كل ثرواته الهائلة و الطائلة لحد جعلوا خزينته فارغة صافرة ، بحيث حتى عملية دفع رواتب الشهور المقبلة قد أصبحت معرضة للانقطاع والتلكؤ كالخدمات !..حسنا ..فهؤلاء البعض ـــ وما أكثرهم ــ الحاقدين على المتظاهرين حقدا هستريا مريضا ، يرتعبون حتى من فكرة تغيير أو إصلاح هذا النظام ” الإسلامي ” المافياوي السرطاني الفاسد حتى النخاع ، و الذي ليس له مثيلا في تاريخنا المعاصر قطعا ، من شدة فساده ومهزلته المضحكة والمبكية، فنجدهم يستنفرون كل جهودهم وقواهم لحماية أحزاب سلطة الفساد هذه ، دفاعا مستميتا ، وعلى العمياوي ، أي على غرار الهتاف البدوي القائم منذ عصر الجاهلية و حتى : ” انصر أخاك ظالما ومظلوما ” وذلك لاعتقادهم أن الدفاع عن هذا النظام الفاسد هو نفس الدفاع عن أركان الدين والمذهب على اعتبار أن هذه الأحزاب بالرغم من فسادها و نفاقها و ظلمها و خستها هي من تمثل هذا الدين والمذهب في النهاية !!..مبروك و ألف مبروك على هذا التمثيل الرائع !!..أما التبجح بكون هذه الأحزاب الفاسدة لها قاعدة جماهيرية تصويتية واسعة ، فإنه هو الآخر يعبر عن المستوى البائس والهابط للتفكير التعيس حقا :ــ إذ كيف يمكن التبجح بكثرة وجود أشباه عبيد متخلفين الذين بالرغم من فقرهم المدقع وعيش بعضهم على الزبالة والنفايات أو الشحاذة ومعاناتهم اليومية، و العيش الطويل في وسط قذارات وبيوت أشبه بأكواخ متداعية ، فضلا عن مستوى متدن جدا من تعليم وصحة وخدمات ، وكل ذلك بسبب سياسات وفساد هذه الأحزاب الحاكمة والفاشلة، نقول بالرغم من كل هذه المصائب والكوارث والمعاناة الرهيبة التي سببتها هذه الأحزاب ومع ذلك فأن هؤلاء أشباه العبيد يذهبون بين كل أربع سنوات ليصوّتوا لها حتى تبقى هذه الأحزاب في السلطة و تواصل ممارسة الفساد وعمليات النهب والسرقة لفترة إضافية و أطول ؟..إذ من المعروف أن الناس الأحرار و الواعين يفتخرون بأحرارهم وليس بقطعان عبيدهم المدجنين…وأخيرا نقول :ــ بما أنه لم يستطع كتّاب و جرائد وكل المؤسسات الوسائل الإعلامية الضخمة للنظام السابق من تشويه سمعة الانتفاضة ” الشعبانية ” بحيث أنها قد دُونت بين صفحات التاريخ كانتفاضة شعبية ضد الدكتاتورية والظلم ــ على الرغم من أخطاء كثيرة و جرائم انتقام وحشية التي رافقتها ــ فكذلك سوف تفشل كل المحاولات الخبيثة لبعض المحسوبين على أحزاب سلطة الفساد من تشويه سمعة انتفاضة تشرين المجيدة ، بالرغم ما رافق هذه الانتفاضة من أخطاء و تجاوزات أيضا ، قام بها أشخاص ما بين مندسين مرسلين من قبل أحزاب و جهات *وجدت في هذه التظاهرات تهديدا لمواقعها السلطوية و كذلك مشاغبين ، وهم فئات منفلتة وجامحة يتواجدون في كل تظاهرات و في أي زمان ومكان من العالم ..نقول كل هذا لأننا نعتقد بأنه يوجد فارق كبير بين أن ينتقد أحدهم ظاهرة سلبية ما بدافع حرص وتصحيح لهدف سام ونبيل ..طبعا هذا النوع من النقد الموضوعي والتقويمي شيء مرحب به في كل الأحوال ، بل ومطلوب لتصحيح مسار قضية ما ..و هذا ما قام به كتّاب تهمهم المصلحة العامة للبلد ..أو أن ينتقد بنوايا خبيثة ومتحاملة مسبقا لغرض تشويه وتسقيط ليس إلا ، وذلك دفاعا عن ظلم الظالمين و عن فساد الفاسدين ..و هذا ما فعله ويفعله طبالي ورداحي الأحزاب الفاسدة من مرتزقة ومتطوعين” عقائدين” على حد سواء.هامش ذات صلة :*( اختراق الاحتجاجات وحول قتلة متظاهري الاحتجاجات اشار ملا طلال إلى أن “الحكومة شكلت لجنة تحقيق من 5 قضاة للتحقيق بكشف قتلة المتظاهرين”..مبينا أن “الدولة اعترفت بحدوث عمليات قتل للشباب المتظاهرين وهذا لم يحدث سابقا”.وأضاف أن تظاهرات تشرين أحدثت تحولا مهما بالسياسة العراقية مؤكدا أنه من حق الشباب ممارسة حقهم الدستوري بالاعتراض على السياسات الخاطئة. وأشار الى أن بعض الأطراف حاولت اختراق التظاهرات للتشويش على مطالب تشرين الحقة مبينا أن التنسيقيات هي من قررت إنهاء الاعتصام ولم يكن رفع الخيام قسريا.واشار الى أن هناك شبه تطابق بين مطالب المتظاهرين والمنهاج الحكومي منوها بأن الحكومة شكلت لجنة تحقيق من 5 قضاة للتحقيق بكشف قتلة المتظاهرين.ولفت الى أن الحكومة أرسلت تعديل قانون مؤسسة الشهداء لتعويض شهداء وجرحى تشرين .. مبينا أن الدولة اعترفت بحدوث عمليات قتل للشباب المتظاهرين وهذا لم يحدث سابقا.