الورقة البيضاء وتحديات المعرفة!!
الورقة البيضاء وتحديات المعرفة _مازن صاحب
أثارت مقابلة السيد وزير المالية على قناة العراقية الإخبارية الأربعاء سؤالا مركزيا طالما طرح للنقاش عن هوية الاقتصاد العراقي ..هذه الهوية الضائعة في تحديات المعرفة وفجوتها المعروفة في كثرة المستشارين وقلة الاستماع لارائهم !! ما يريده السيد وزير المالية العمل في مساحة هذه الفجوة المعرفية لنقل الاقتصاد العراقي بقرار مطلوب تشريعه من مجلس النواب لانه يتعامل مع الدولة العراقية بعقلية موظف دولي ..لا وزيرا عراقيا!!!ربما يحصل صندوق النقد الدولي على تشريع برلماني لتعريف معياري محدد لهوية الاقتصاد العراقي بانه يمضي مع اقتصاد السوق المفتوح..وهذا يتطلب متغيرات كبرى في تعريف الإنتاجية الفردية للمواطن .. واليات تقليص سيطرة القطاع العام على الاقتصاد بما فيه ما يمكن وصفه بالمفردات الحاكمة مثل الطاقة في النفط والكهرباء والخدمات في قطاعي الصحة والتعليم .ترجمة ذلك للذوات اعضاء مجلس النواب الأفاضل..ان ما يطالب به وزير المالية بصفته خبيرا دوليا ان يوافق البرلمان العراقي على خصخصة القطاع العام وتقليص اعداد العاملين فيه الى الحد الأدنى المفترض وإعادة توجيه القوى العاملة في القطاع العام نحو القطاع الخاص بعد خصخصة مؤسساته… فيما واقع الحال المعروف ان ابسط معمل لاينتج لأسباب سياسية معروفة …سيتم الطلب من العاملين فيه اختيار واحد من سيناريوهات الكارثة الشخصية المقبلة ..اعادة المعمل للإنتاج..مقابل الرفض السياسي لتعارض المصالح مع جهة الاستيراد الإقليمية..او البحث عن جهة مماثلة في القطاع الخاص تستوعبهم بشروط القطاع الخاص !! اما السيناريو الثالث فهو تصفية المعمل لكونه خاسرا وتسريح عماله !! لذلك ستظهر تحديات فجوة المعرفة ما بين ما تضمنته الورقة البيضاء بعنوان الاصلاح الاقتصادي وما يمكن ان يكون مع الخطوات الاولى بعد ان يشرعن مجلس النواب ما ورد فيها كخطوات تطبيقية باتجاه السوق المفتوح. ابرز هذه التحديات ان اموال احزاب مفاسد المحاصصة ستفرض سيطرتها على سوق العمل بقوانين جديدة عنوانها اصلاح اقتصادي ومضمونها هيمنة حزبية مناطقية متجددة .. فيما كان المفترض أن تقدم الورقة البيضاء حلولا معرفية عن اقتصاد السوق الاجتماعي واليات الضمان المعروفة فيه خلال مرحلة الانتقال .ثاني هذه التحديات ..الاغلبية من قوى العمل تفشل في المقارنة ما بين انتاجيتها في سوق العمل المعرفي اليوم وبين ما يمكن ان توفره العمالة المستوردة كاتجاه استراتيجي مطروح بما في ذلك عودة العمالة المصرية للعراق فضلا عن وجود العمالة الاسيوية .ثالث هذه التحديات ان اغلبية خريجي الكليات لن يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل في القطاع الخاص بعد امتلاك القطاع العام كشراكة او خصخصة ..لان قدرات هؤلاء الخريجين لا تطابق مواصفات السوق المعرفي الحالي ..بما يفضح حالة الفشل المتواصل في المؤسسات التعليمية العراقية ما بين ما يدرس من مناهج نظرية مقابل متطلبات تطبيقية في سوق العمل المفتوح .رابع هذه التحديات كنتيجة واضحة..ان القدرة الإنتاجية للعامل العراقي في سوق المنافسة المفتوح ستقارن بما يحصل اليوم في مقارنة العامل الاسيوي او العربي واجوره وانتاجيته مع العامل العراقي ..وهذا سيحدث ارباكا مجتمعيا كبيرا خلال مرحلة التحول من نظام اقتصادي هجين الى نظام السوق المفتوح .مشكلة السيد وزير المالية وفريق عمله تتجسد في استيراد وصفات صندوق النقد الدولي ..وتوظيف الازمة الاقتصادية الحقيقية للوصول إلى متغيرات مجتمعية وسياسية تجبر مجلس النواب على إقرار ورقة الاصلاح الاقتصادي البيضاء في مجتمع يدار من خلال مفاسد المحاصصة..وستكون النتيجة الحتمية ان احزاب هذه المحاصصة هي المستفيد الاول والاخير فيما يفترض ان يسأل صاحب اية اموال عن مصادرها قبل شراء اي موقع في القطاع العام ….ولله في خلقه شؤون !!