مؤامرة سنية على السنة
هادي جلو مرعي
ربما يكون في الأمر مبالغة أن أصف الحراك الذي يقوم به كبار السن من القادة السنة على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بالمؤامرة، لكنه توصيف يبعث على التأمل، والنظر، والتفكير في المشهد العام للسياسة العراقية، ومرحلة الصراع الراهنة التي يجري فيها الحديث عن تقارب بين قوى شيعية أساسية، يقابله نوع من معارك كسر عظام بين القوى السنية التي تضع على الطالولة مظلومية السنة، بين التهجير والنزوح والجماعات المسلحة التي تتعكز على إرث ديني لايتقبله عامة السنة من فئة تدعي إن الحق معها، فعملت على تدمير محافظات كاملة، سواء من خلال سلوكها العنيف، أو من خلال ماحدث نتيجة لإستدعاء تدخل عسكري دولي، ومحلي رسمي، وغير رسمي جعل من محافظات السنة ساحة لصراع، وتجاذب، وغلبة، ورفض للآخر الشريك الذي وضع في خانة العدو، وصار كل طرف يحاول الإستقواء بقوى من خارج الطيف السني الرسمي، وأعني قوى في البرلمان، وفي مشهد السياسة العراقية. وفي مرحلة كثر الحديث فيها عن الإعمار، وعن دبي التي ستخرج من رحم الأنبار، وعودة الروح لمناطق حررت بدماء العراقيين، وظهر فيها نور الحياة من جديد، وأنيرت شوارعها بأضواء، وعادت شواطئ الفرات لتكتظ بالراغبين بالحياة من جديد في الرمادي والفلوجة، وأعالي النهر الممتد عبر الصحراء، عدا عن مدن تنفض غبار المحنة كالموصل وصلاح الدين. في هذه المرحلة ينبري كبار السن من القادة السنة الذين فشلوا في كل شيئ سواء في عقد شراكة منتجة مع الكورد والشيعة، أو في ٱطار تلبية متطلبات الحياة الكريمة لجمهورهم على مدى سنوات طويلة، فتحولوا الى أسلوب التعطيل والتخريب السياسي بدعوى الإصلاح، ووقف الحلبوسي عند حده كما يدعون، وهم في الحقيقة لايستحقون أن يتصدوا للإصلاح لأنهم تم تجريبهم وتخريبهم في إطار عملية سياسية إستدعت رفضا شعبيا، وقوضت طموح بناء الدولة، وإذا كان من ضرورة للإصلاح والتغيير فإن الذي يقوم بها لابد أن يكون على مستوى من الأهلية والصلاح وهولاء أبعد مايكونون عن ذلك لأن منهم من هو متهم بالفساد، والتواطؤ، والتنصل من المسوولية المهنية والأخلاقية تجاه جمهوره، ومن له الحق في محاسبة الحلبوسي هم الجيل الذي راقب سلوكه من الفئات الجديدة الصاعدة، وليست تلك الجامدة من السياسيين، ثم إن القرار العام في الدولة هو الذهاب الى الإنتخابات، وبالتالي فما قرره القادة الشيعة أكثر موضوعية حين إنحنوا لعاصفة تشرين، بينما ينتكس المشروع السني بسبب صراع كبار السن مع الجيل الشاب، وهو صراع لايفقه عنه الجمهور السني كثيرا، وربما يرفضه، ويشمئز منه، ويستنكره، خاصة وإن الإنتخابات المزمعة تتطلب تشكيل تحالفات حقيقية مؤمنة بالتغيير، وليست تحالفات تخريب كما هو الحاصل الآن حيث الذهاب الى هوة لاقرار لها، ومن أجل مصالح شخصية وحسب.