رئاسة البرلمان توجه باستضافة مدراء الكمارك والضرائب والتقاعد لمناقشة الورقة البيضاء
وجهت رئاسة البرلمان ، اليوم الاربعاء، باستضافة 4 مسؤوليين لمناقشة الورقة البيضاء والعجز المالي
وقال بيان مقتضب للبرلمان إن “النائب الاول لرئـيـس مجلس النواب حسن الكعبي وجه بأستضافة وزير المالية ومدير عام هيأة الكمارك ومدير عام هيأة الضرائب ومدير عام هيأة التقاعد لمناقشة الورقة البيضاء والعجز المالي”.
وكانت الحكومة العراقية قد تبنت رسميا برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي أعدته خلية الطوارئ للإصلاح المالي والذي يعرف بـ(الورقة البيضاء).
ونشر موقع الحكومة العراقية الالكتروني ملخصاً لأهداف ومحاور الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي جاء فيه:
(الورقة البيضاء) هي خارطة طريق شاملة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد العراقي ومعالجة التحديات الخطيرة التي تواجهه والتي تراكمت على مدى السنوات الماضية بسب السياسات الخاطئة وسوء الادارة والفساد وغياب التخطيط بالإضافة إلى الاعتماد شبه الكلي على النفط كمصدر أساسي لإيرادات الدولة.
نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية العراقي د. علي علاوي قال إن “الورقة البيضاء تهدف الى اعادة التوازن للاقتصاد العراقي، ووضعه على مسار يسمح للدولة باتخاذ الخطوات المناسبة في المستقبل لتطويره الى اقتصاد ديناميكي متنوع يخلق الفرص للمواطنين لعيش حياة كريمة”.
وبالرغم من أن الأزمة المالية الراهنة التي يمر بها العراق ترتبط بالتراجع الحاد في أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، إلا ان (الورقة البيضاء) بينت، وبشكل دقيق مدعوما بالأرقام والحقائق من مصادر دولية مختصة، أن جذور الأزمة تعود لعقود طويلة.
واستعرضت (الورقة البيضاء) سلسلة من العوامل التي شوهت الاقتصاد العراقي وقوضت قدرته على توفير حياة كريمة لشرائح كبيرة من العراقيين، وادت الى فشله في مواكبة التطورات الاقتصادية التي شهدها العالم، من بينها:
توسع دور الدولة في الاقتصاد
ولعل من اهم الأسباب الأساسية التي قادت الى تدهور الاقتصاد العراقي التي حددتها (الورقة البيضاء) هو توسع دور الدولة العراقية في الاقتصاد.
فعلى مدى عقود ، تعرض الاقتصاد العراقي الى سلسلة من الصدمات قادت الى خلق اقتصاد موجه من الدولة، بدءا من سياسات التأميم للقطاعات الحيوية في السبعينيات من القرن الماضي، مرروا بتكريس كافة قدرات الاقتصاد لدعم الجهد الحربي في الثمانينيات، ومن ثم فترة الحصار في التسعينيات، ومن بعدها تضييع فرص تغيير هذه التوجه منذ عام 2003 وفشل النظام السياسي الجديد في العراق في بناء اقتصاد حر ومتنوع وفقا لمبادئ الدستور العراقي.
توسع دور الدولة، لا سيما زيادة عدد العاملين في القطاع العام بأصنافهم المتعددة ونفقات رواتبهم ورواتب المتقاعدين، جاء على حساب الانفاق على البنى التحتية الأساسية في البلاد والاستثمار فيها.
على سبيل المثال، في الفترة بين 2004 إلى 2020، ارتفعت نفقات الدولة على رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسبة 400% بالقيمة الحقيقة، وارتفع العدد الإجمالي للعاملين في القطاع العام بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وفي الفترة بين 2006 و 2018 أرتفع متوسط مدفوعات رواتب القطاع العام بنسبة 134% أي اكثر من زيادة إنتاجية العمل والتي ارتفعت فقط بنسبة 12% او كلفة المعيشة التي ارتفعت بنسبة 28% خلال هذه الفترة.
وعلى مدار السنوات 17 الماضية اصبحت نفقات رواتب الموظفين الذي يبلغ عددهم اليوم 4 ملايين ونصف مليون موظف، والمتقاعدين الذي يبلغ عددهم مليونين ونصف مليون متقاعد، هي النفقات الأكثر نموا في الموازنات العراقية المتعاقبة خلال هذه الفترة.
اضمحلال القطاع الخاص
التوسع في دور الدولة، بالإضافة إلى النظام الإداري المعقد وضعف الحكومات المتعاقبة في فرض سيادة القانون وبالإضافة إلى عسكرة المجتمع وتنامي نفوذ الجهات غير الحكومية في المؤسسات العامة، أدت الى اضمحلال القطاع الخاص العراقي، باستثناء عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاعات النفط والاتصالات بالإضافة إلى شركات صغيرة جدا تعمل في مجالات التجارة والبيع بالتجزئة والنقل والبناء والضيافة والانسجة مع غياب شبه كامل لهذه الشركات في مجال تصنيع السلع المطروحة للبيع.
كما أن معظم الشركات الأكبر في القطاع الخاص تعتمد على تقديم الخدمات للدولة وعلى العقود الحكومية.
انهيار واردات النفط وجائحة كورونا
وحددت (الورقة البيضاء) أيضا عوامل أخرى أدت الى الوضع الاقتصادي المتهالك الذي يمر به العراق، من ابرزها انهيار واردات النفط وجائحة كورونا، وسوء الإدارة، وغياب التخطيط وضعف المؤسسات المالية في العراق، لاسيما وزارة المالية، وغياب الأنظمة الحديثة المتماسكة لإدارة الواردات، وضعف النظام المصرفي، وغياب الاتمتة في الإجراءات الحكومية، فضلا عن ما قامت به داعش من تدمير للبنى التحتية وتكاليف الحرب على هذه العصابات الإرهابية.
هدفان استراتيجيان
تسعى (الورقة البيضاء) إلى تحقيق هدفين استراتيجيين، الأول هو الشروع في برنامج إصلاح فوري لمعالجة العجز في الموازنة لتوفير المساحتين الزمنية والمالية لتطبيق الخطط الإصلاحية على المدى المتوسط.
بينما يسعى الهدف الثاني إلى وضع الاقتصاد والموازنة على مسار مستدام يمكن للعراق بعده أن يقرر ويختار الاتجاه الاقتصادي بشكل نهائي. وبهذا، تحتاج الإصلاحات الفورية والإصلاحات على المدى المتوسط بين 3 إلى 5 أعوام لتطبيقها.
محاور الاصلاح
حددت (الورقة البيضاء) الإصلاحات بالمحاور التالية:
المحور الأول: تحقيق الاستقرار المالي المستدام ومنح فرصة لتحقيق الإصلاحات الهيكلية الأخرى
ابرز توجهات هذا المحور:
تقليص عجز الموازنة الاولية من 20% إلى 3% من الناتج المحلي الاجمالي وتخفيض نسبة نفقات الرواتب من 25% إلى 12.5%
تحصيل اجور الكهرباء من كافة المستخدمين ووفقا لسعر الوقود الحقيقي في الأسواق العالمية
تفعيل برنامج استرداد الاموال المنهوبة والمسروقة
زيادة ايرادات الجمارك والضرائب
إصلاح صندوق التقاعد وإيقاف تمويله من الموازنة تدريجيا
إصلاح انظمة الإدارة المالية
دراسة سعر الصرف الحالي للدولار مقابل الدينار
المحور الثاني: تحقيق اصلاحات اقتصادية استراتيجية وتوفير فرص عمل مستدامة
ابرز توجهات هذا المحور:
تأهيل النظام المصرفي من خلال تطوير المصارف الأهلية واصلاح المصارف الحكومية وادخال (النظام المصرفي الأساسي) في مصرفي الرافدين والرشيد وتفعيله
تسريع وتيرة تطوير الخدمات المصرفية الإلكترونية
فتح أسواق تخصصية مثل سوق السلع وسوق تداول العملات
تفعيل القطاعات المحركة للاقتصاد كالزراعة والنفط والغاز
تحقيق زيادة فعلية في مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من خلال تفعيل صندوق دعم القطاع الخاص وتبسيط الإجراءات
توفير فرص عمل في القطاع الخاص ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
تبني استراتيجية وطنية للتعليم والتدريب، تربط مخرجات التعليم بالحاجة المستقبلية لسوق العمل
المحور الثالث: تحسين البنى التحتية الأساسية
ابرز توجهات هذا المحور:
زيادة فاعلية الاداء لمختلف مفاصل منظومة الطاقة الكهربائية في العراق
تطوير البنى التحتية الرقمية، عبر ادخال التكنولوجيا المتطورة (الجيل الرابع) بداية العام المقبل، والتحضير لإدخال تقنية (الجيل الخامس)
تحديث الاطار القانوني والتنظيمي لقطاع النقل بما يحقق زيادة التمويل لمشاريع البنى التحتية فيه عبر التوجه نحو جذب الاستثمارات، وبناء الشراكة بين القطاعي العام والخاص
تطوير المدن الصناعية والمناطق الحرة في العراق
المحور الرابع: توفير الخدمات الأساسية وحماية الشرائح الهشة اثناء عملية الإصلاح وبعده
ابرز توجهات هذا المحور:
توفير المياه الصالحة للشرب والري واستكمال شبكات الصرف الصحي
الشروع ببناء 1,000 مدرسة جديدة ضمن مدة خطة الإصلاح
إعادة رسم نظام الحماية الاجتماعية بشكل كامل، وتوحيد أنواع الدعم المختلفة
تأسيس نظام تقاعدي موحد ومستدام ماليا لكافة العراقيين العاملين بالقطاع العام والخاص والتعاوني والمختلط
استكمال مشروع قانون الضمان الصحي وتطبيقه، بما يضمن توفت الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين كافة
المحور الخامس: تطوير الحوكمة والنظم القانونية لتمكين المؤسسات والأفراد من تطبق الإصلاحات
البرنامج الاصلاحي يحدد إكمال مشروع مركز المعلومات الوطني لأتمتة عملية تقديم الخدمة للمواطنين لاسيما إجراءات الحصول على الجنسية والجوازات والتقاعد والضمان الاجتماعي كاولوية. الورقة البيضاء للاصلاح الاقتصادي
ابرز توجهات هذا المحور:
مراجعة وتعديل تعليمات تنفيذ العقود الحكومية
التعاون مع منظمات التحقيق الجنائية للحد من المبالغ الكبيرة التي يجر تهريبها خارج العراق
إدخال نظام الحوكمة الإلكترونية في مجال التعاقد الحكومي وجباية الضرائب والجمارك
إكمال مشروع مركز المعلومات الوطني لأتمتة عملية تقديم الخدمة للمواطنين لاسيما إجراءات الحصول على الجنسية والجوازات والتقاعد والضمان الاجتماعي
تطبيق قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية والتخلص التدريجي من المعاملات الورقية
وسيتم لاحقا اطلاق خطة تنفيذ تفصيلية تشمل الإجراءات المطلوبة والجهات المعنية بالتنفيذ والجداول الزمنية وآليات متابعة تطبيق (الورقة البيضاء).