وزارتان بسعر وزارة
د. فاتح عبدالسلام
سمعنا مراراً عن توجهات لاصلاح اداري في العراق طالما وردت في البرامج الحكومية الثخينة، غير أنَّ الواقع المرير للترهل القائم في الوزارات والمؤسسات والدوائر يحيل الى قراءة مغايرة.
ذلك أنَّ الترهل الاداري بات انعكاساً لواقع سياسي يعتاش على المحاصصات التي هي كُلّ شيء في حياة العملية السياسية.
والترهل الوظيفي يعني الهدر في الموارد وضعف الانتاجية وتقليص فرص التوظيف على اساس الكفاءة . يبدو ان من المستعصي ان تفكر الحكومة في دمج الوزارات غير المهمة والتي كانت نتاج ذلك الواقع السياسي المعيوب.
هناك وزارة لا تؤدي أكثر من مهام مديرية عامة يمكن الحاقها بوزارة الداخلية مثلاً ، وهناك مديريات عامة لا تؤدي أدواراً اكثر من اقسام ومديريات عادية.
فضلا عن مسميات ادارية لاقيمة لها ويمكن اختزالها الى العشر من دون أن تتأثر أي سياق إداري. العالم يتجه اليوم الى الانتقال شبه الكامل الى الحكومات الالكترونية التي توفر الجهد والمال وتقطع دابر الفساد ، ونحن لا نزال نراوح في صيغ مسلكية مستهلكة ليست أكثر من حشو فارغ.
بقيت الكرة في ملعب الوزير الذي يستطيع ان يعيد بناء الوزارة بما يتلاءم مع الترشيح الهيكلي والترشيد المالي ، وليبدأ بورقة اجور الكهرباء وصرفيات الوقود أو اي بند استهلاكي آخر ويطلب تنزيل استهلاكها الى النصف من خلال اجراءات المديرين ويتبع ذلك بنود كثيرة تسمح بالتوفير، ولتكن تلك تجربة بسيطة توضح امكانية تحقيق فارق في النوعية والعدد من خلال اجراءات حازمة ذات متابعة عالية.
المناصب وجدت لتكون اماكن للعمل الوطني الشاق والانتاج المثمر وتدبير شوون البلد المصاب بأنواع الأزمات والامراض، وليست عناوين فارغة لأشخاص فارغين أكثر منها.