الاقتراب من نقطة التصادم
د. فاتح عبدالسلام
ماتمّ تجميعهُ من رؤى وتصورات للرئيس الامريكي دونالد ترامب في سياسته الخارجية هو انّه لن يرسل جيشه للقتال نيابة عن أية دولة أو جهة إلا في حال تطابق المصالح على نحو كبير وكان الامر يتطلب ذلك، وانَّ المنافع أكبر بكثير من الأضرار .
صحيح أنّ النصوص العلنية لا تتوافر على ذلك كله، لكن تجميع المواقف مع تصريحات مانقلته الصحافة عن ترامب يؤكد أنّه على هذا المسار.
وهذا الأمر يفسّر الاستعجال في التفاوض للانسحاب الكامل من افغانستان بعد عشرين سنة من حرب لم يكن لها حصاد مجدي للامريكان بما يتناسب مع ما خسروه هناك.
وكذلك الكلام عن عدم الرغبة في استمرار الوجود العسكري لفترة طويلة في العراق، ويشمل هذا ماقاله عن القتال ضد أعداء مباشرين لايران ونفوذها في العراق، وذلك أمر يثير سخرية الرئيس أحياناً.
سياق الاوضاع في العراق، حيث المشهد السياسي المحطم وتمترس كُلّ طرف خلف ما يعتقد أنّه حاجز منيع يحميه ويناور من خلفه، يقود الى مرحلة وشيكة من التصادم واللعب على المكشوف بالاوراق المتاحة، وهذا كله مرتبط بقرارين إيراني وأمريكي.
لكن كُل طرف يعتمد على مراقبة صبر الاخر ، وربّما في الميدان أكثر من خطة لجرّ الخطوات نحو الهاوية التي لايمكن تفاديها. جميع الحكومات السابقة في العراق تتحمل وجود هذا الوضع القلق الذي تبحث فيه الدولة عن وسائل اثبات شرعيتها أمام قوى غير شرعية في التصرف والوجود زماناً ومكاناً .
العراق اليوم بهذا الوضع يسير سريعاً نحو نقطة التصادم، والامور الشكلية الاخرى من مناقشة بعض القوانين في البرلمان وخارجه، هي اشغال للوقت الضائع فقط، ولا أريد القول مبكراً انّها مضيعة للوقت، ذلك انَّ هناك رؤوساً خارج بغداد محشّوة بقرارات ستمر من خلال البلد الهش.
وإنَّ هناك صفحة مؤجلة كثيراً، سيتم فتحها مهما كانت المجاملات ستاراً ثقيلاً حولها.
ربّما لا نحتاج الى استعراض ما يمكن أن يحدث، بقدر حاجتنا الى أن نتذكر أنَّ هناك بعض الوسائل لتفادي ذلك الانهيار، لكنها وسائل ،مع الأسف، محدودة .