كورونا الرابع عشر
عبد الهادي مهودر
كل المؤشرات تدل على أن (فيروس كورونا) سيبقى ضيفا ثقيلا على العالم لفترة قد تطول وتعرض فبعد تعايش تدريجي مع الجائحة وإلغاء حظر التجوال وعدم إلتزام بالارشادات الصحية عاد الفيروس بوجه آخر وبموجة ثانية أشد خطرا من سابقتها ، وبدأت دول العالم تفكر بإعادة النظر بقراراتها الدفاعية والهجومية، وتمكن الفيروس من تحقيق إختراق ودخول البيت الأبيض المحصن وأصاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وزوجته وحملته الانتخابية ، وفي العراق دقت منظمة الصحة العالمية جرس الإنذار بقوّة وأعلنت دخولنا مرحلة “التفشي المجتمعي” بفيروس كورونا وعلى الرغم من تطمينات ممثل المنظمة في العراق أدهم اسماعيل بكون الوباء مازال تحت السيطرة لكنه حذَر من أن عدد الأسرة في مستشفياتنا لا يكفي إلا لنصف المصابين في عموم العراق ولايستوعب الزيادات المستمرة ، وهو يتحدث عن المصابين المسجلين رسميا عدا غير المسجلين الذين يتكتمون على إصاباتهم ويحجرون أنفسهم في بيوتهم أو يتمشون في الأسواق متى أرادوا ، والأخطر (والأدهم) في تصريحاته ” ان العراق دخل حالياً في المرحلة الثالثة أما المرحلة الرابعة فستكون فيها البلاد موبوءة بشكل كامل،الأمر الذي يتطلب من الدولة اتخاذ إجراءات سريعة وشديدة تتمثل بالاغلاق التام والعزل الكامل”،وهذا يعني ان فيروس كورونا بلغ ثلاث مراحل في أقل من سنة واحدة وقادر في سنة أخرى أن يبلغ المراحل الخامسة والعاشرة والرابعة عشر !
والحق يقال أن تحذيرات وزارة الصحة ووزيرها لم تتوقف وبحّ صوت الدكتور سيف لكن مدى الإستجابة يزداد ضعفا وتراجعا فقد عادت التجمعات بشكل واضح مع بعض بوادر لعودة المصافحة والتقبيل أي ( المطالس والبوس البوس الحضن الحضن ) وباتت قلة قليلة صابرة مرابطة على الجبل ترتدي الكمامات وتنفذ وصايا التباعد الاجتماعي أما الأغلبية فغير آبهين بالمخاطر التي يجلبها الوباء الذي لايرحم الفقير ولا الأمير ولايوقّر كبار السن بل يستضعفهم ويذلهم ويقضي عليهم حتى لاحت في الأفق شائعات تعاون بين كورونا وسياسات الديمقراطيات الغربية ضد كبار السن للتخلص منهم والتهاون في إنقاذ حياتهم وبتنا أمام احتمال الكشف عن فضيحة أخلاقية تهز العالم وجريمة كبرى ينفذها الكبار ضد الكبار ومايعزز تلك التهمة والفضيحة هو النسبة العالية في الوفيات بين المسنين المغلوب على أمرهم إلى درجة أن موتهم أصبح حدثا عاديا ومبررا بالعجز وكبر السن والأمراض المزمنة ، وإذا كان السيد أدهم قد حذّزنا من التهاون مع الجائحة فالمدير العام لمنظمة الصحة العالمية (تيدروس أدهانوم غيبريسوس)، أتحدى من يكرر قراءة اسمه ثلاث مرات وله جائزة من السيد أدهم ، قال أن بعض البلدان الغربية تعمدت أو “أخذت راحتها” واتبعت سياسة الاستغناء عن كبار السن !..
وإن صح ذلك فلا نملك إلا الدعاء على اولئك الذين تواطؤوا مع الفيروس للنيل من أصحاب الأجساد الطرية المتعبة الآباء والأمهات وألأجداد والحبوبات ، الله لايوفق أي دكتاتور أو ديمقراطي غربيا كان أم شرقيا شارك عن عمد بهذه الجريمة ضد الانسانية وحرمنا من بركتهم وظلهم الخفيف في بيوتنا ، والله يرحم كل الأحبة الذين ودعناهم في عام توديع الأحبة الذي بشرنا به رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون بمقولته الشهيرة ( استعدوا لفراق الأحبة ) ..وأشهد أن السيد أدهم ألقى علينا الحجة وحذّرنا بمافيه الكفاية ومن حذّر كمن بشّر ، والكرة الآن في ملعبنا المفتوح الذي غادره نحو عشرة آلاف عراقي توفوا بسبب كورونا وعشرات الآلاف من المصابين ،ولانصيحة بعد كل هذه الفواجع والتحذيرات أهم من:الكمامة الكمامة التباعد التباعد التعقيم التعقيم الوقاية الوقاية وليس المصافحة والتقارب والتجمع ولا(الحضن الحضن البوس البوس )وإلا فنحن مقبلون على كارثة.