مقالات

الكاظمي والسيسي وجهان لسلطة واحدة

د. معراج احمد اسماعيل الحديدي

يتعقّد المشهد العراقي يوماً بعد يوم في ظل حكومة الكاظمي والتي من المفترض أن تكون حكومة تصريف اعمال, أهم انجاز تلتزم به هو التمهيد لانتخابات مبكرة من خلال جملة من الاجراءات, لعل اولها الضغط على مجلس النواب بتشريع قانون الانتخابات الجديد وما يتضمنه من تعديلات, خصوصاً ما يتعلق بمسألة الدوائر المتعدد والدائرة الانتخابية الواحدة, وما نتج عن هذه المعضلة من خلافات في داخل قبة البرلمان العراقي كونها تعطي مرونة اكثر للأحزاب الصغيرة, مما يهدد الاحزاب الكبيرة التي تهيمن على المشهد السياسي العراقي وينذر بخطر هذه الاحزاب الصغيرة عليها, ناهيك عن تعديل قانون الاحزاب الجديد كونه حلقة وصل بين الشعب وعملية الانتخابات. وكذلك السير قدماً في اختيار اعضاء المفوضية العليا للانتخابات المستقلة, التي من المفترض أن تكون قائمة على الاستقلالية والنزاهة وكذلك الشفافية, بعيدة عن الانتماء الحزبي والمحاصصة السياسية في ترشيح اعضائها, ويكون عملها تحت اشراف الامم المتحدة لضمان انتخابات حرة نزيهة, وبالفعل بدأ هذا السيناريو من خلال اختيار اعضاء المفوضية العليا للانتخابات, وهم قضاة يرجح انهم مستقلون, غير أن فكرة التعددية الملامسة للعمل السياسي ابت الا أن يكون الاختيار ضمن طوائف الشعب العراقي, مما يغلب الشك بشخوصها فإن لم يكن انتمائيا فمن المرجح أن يكون متعاطفاً مع ابناء جلدته.وامام هذه التحديات التي يخوضها السيد الكاظمي واخرى اقل تقدير يمكن وصفها (بالخانقة), ما يزال الاخير يخطو بخطوات منهجية ومقبولة لدى السواد الاعظم من الشعب العراقي وبدى هناك دعم واضح من قبل الجماهير لتحركات الكاظمي خصوصاً بعد أن حدد موعد الانتخابات المبكرة, والتي من الراجح اقامتها وفق تصور الكاظمي في السادس من حزيران من العام المقبل.وما أن صرح بموعد الانتخابات المبكرة بدأ الشارع العراقي يمسي على تشكيل تجمع جديد ويصبح على ميلاد حراك اخر, وبين هذا وذاك يطفوا على السطح حزب لم تكن له حياة قبل خبر الانتخابات المبكرة, وعلى نفس هذا المنوال فهناك اخبار تشير بوجود بوادر تشكيل تحالف أو حزب بقيادة الكاظمي مع برهم صالح والتي من المزعم أن تدخل في الانتخابات القادمة, وهذا حق مشروع لأن الترشيح هو حق دستوري ولا يوجد أي موانع قانونية أو سياسية تمنع الشخص من الترشيح, حتى وإن كان رئيس للوزراء سابقاً, فلم يرد ما يمنع وفق الدستور أو قانون الاحزاب من عدم جواز الترشيح لهذه الشخصية, التي قد يجتمع عليها فئات ليست بالقليلة من الشعب العراقي وعلى رأسهم جزء من شباب ثورة تشرين المباركة.وفي صورة مشابهة لهذه التحديات مع اختلاف الزمن والدولة ففي مصر تحديداً في عام 2011 تمت الاطاحة بنظام حسني مبارك من قبل شباب ثورة يناير, حيت تنحى الاخير عن المنصب وكلف المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي الى التهيئة لانتخاب رئيس للجمهورية, وتعد هذه الانتخابات هي الاولى لاختيار مرشح الشعب بصورة ديمقراطية منذ تأسيس الدولة المصرية, وقد فاز بالانتخابات محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في الرئاسة. وفي ظل حكومة مرسي عمل الاخير على اخونة الدولة المصرية مما اثار ذلك حفيظة الشعب المصري البطل ودفعه للوقوف بوجه الاخوان, وفي هذه الاثناء اقال الرئيس مرسي المشير طنطاوي واناط قيادة المجلس العسكري الى محمد عبد الفتاح السيسي, الذي اصبح بمثابة موسى من فرعون, وبعد تردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية لحكومة الاخوان, استمر الحراك الشعبي والجماهير المصرية ضد مرسي, وبعد فترة من الاعتصام المفتوح قرر المجلس العسكري بقيادة السيسي الى امهال الرئيس مرسي للتنازل عن المنصب والنزول عند ارادة الشعب المصري, فرفض الاخير مما دفع السيسي الى وضع مرسي تحت الاقامة الجبرية واعلن انتهاء حقبة الاخوان. وبدأ التمهيد لانتخابات مبكرة التي افاد فيها السيسي أنه لن يكون مرشحاً للرئاسة المصرية في الانتخابات القادمة, ولكن دوام الحال من المحال, وفي فترة الانتخابات وبحجة الدعم الشعبي له قرر السيسي أن يكون مرشحاً للرئاسة المصرية, وقد فاز بأغلبية ساحقة في الانتخابات, وبعد ذلك عمل على تعديل دستوري جديد للمادة 140 بتمديد رئاسته لسنتين ولتكون سته سنوات بدل اربعة ويجوز له الترشيح مرة اخرى للرئاسة, وبدأ واضحاً للعيان الابعاد السياسية للسيسي بغض النظر عن قبول الشارع له من عدمه.ولو عملنا مقاربة في الظروف والتحديات وكذلك المخرجات بين كل من الكاظمي والسيسي لوجدنا أن هناك ارضية مشتركة فيما بين كل هذه العوامل, ونفس الامر بالنسبة لشخصية كل منهما خصوصاً وإن كلاهما رجال دولة, فالكاظمي لم يكن بعيداً عن المشهد السياسي العراقي فهو رئيس جهاز المخابرات العراقي, وكذلك السيسي فهو رئيس المجلس العسكري المصري.فهل نجد سيناريو السيسي يتكرر بالمشهد العراقي بقيادة الكاظمي؟!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى