كـلام .. في الوقت الضائع
صباح الربيــعي
لا أعرف حتى الآن، لماذا يفرط الإنسان ، بأهم مايملك وأغلاه بدون مسوغ مقنع ، او اضطرار يلجأ اليه ، بينما يستطيع ان يحتفظ بجذوة الحياة في داخله متقدة ، بقليل من الصبر والحكمة ، وقياس الأمور بمقياس الواقع والإيمان بان مايصيبنا هو مكتوب علينا وفق مانحن عليه فالله سبحانه لم يخلقنا ليضيّعنا ونحن عباده ولكنها تضيق فينا النفوس ، فنتعاون مع ( غيرنا )علينا !
وهنا يبدأ عضّ اصابع الندم ،لأن الوقت فات ، وان فرصة ما كانت متاحة ولم تعد كذلك !!
لاتبكِ على لبن مسكوب ، إشترِ غيره وتمتع بإغتنام فرصة جديدة ،ولاتنسَ ابدا ان مافات ، فات ، ولاتزال لك الساعة التي انت فيها ، وفرص الحياة ليست ذا ممر واحد والمطلوب دائما هو البدء من نقطة التوقف .
إنطلق كالعاصفة ، كالاعصار ممتلئا بالعزم والإرادة ، لاتضيع فرصة من بين يديك هي أقرب إليك من حبل الوريد ، إقبل التحدي وقف شامخا وانت اقوى مما كنت سابقا .المشكلة تكمن في أننا لانرى احيانا أبعد من أرنبة انوفنا بينما تطالبنا الحياة بإعمال العقل واستثماره لأبعد مدى . ليس عيبا ان نكبر ، ان نصغر هو العيب !
فالحياة ومهما بدا لنا من تجهمها في وجوهنا فإنها ( تناكدنا ) ليس إلا، وهي تخفي ابتسامتها الى الوقت المناسب لكي تواجهنا بها، وحين تريد هي وليس كما نريد نحن !
فبادرها انت بالإبتسام وبوجه طلق وتفاؤل . دع القلق ، فهي قد تقسوعليك ولكنها لن تؤذيك ، إنها فقط تقدم لك درسا مجانيا وتعلمك مالم يخطر لك على بالٍ!
ثمة حقائق راسخة في الحياة ، لايمكن تجاهلها والقفز عليها عن قصد او دون قصد ، منها حق الإنسان في التطور والارتقاء ليكون في احسن حال ولكن بشرط ان يحصل كل هذا بشرف وشفافية ومشروعية وليس بالنصب والسرقة والإحتيال والضحك على الذقون !
إن سرقة المال العام مثلا ليست جاها ولاتميزا او بطولة بل هي سقوط مريع في دائرة مايدينه المجتمع ويرفضه ، وليس هذا في اغتنام الفرص المشروعة \في شيء !
الفرص الخلاقة هي التي تفضي الى الإرتقاء الأسري والإجتماعي والإنساني مما يباركه الله ويعطي للحياة نكهة مباركة ومعنىً حقيقيا لقيمة الحياة ذاتها والتي اكرمنا الله بها كل الإكرام الفرص الطيبة في عمل الخير والنماء المشروع لاتنته ، شرط ان نصدق النّية ونتعامل معها بصدور عامرة بالإيجابية التي تؤمن بالناس وبالوطن ومكانته الرفيعة بين الأمم لاتوجد خسارة يواجهها الانسان اكثر من الفرص المواتية التي يهدرها ، بقصد او بدون قصد والتي تفقده اسباب التقدم والرقي كما كنا في الايام البعيدة ، مؤمنين بان الاحوال تغيرت والايام تتداولها الأمم ، وليس امامنا اليوم سوى الانطلاق من جديد من اجل التغيير نحو الأفضل ، ولم يعد مقبولا البتة ، البقاء اسرى الظلام في حين ان بامكاننا ان ننسج خيوط الشمس اين ماحطّت بنا قدمان !!
وممــــا يـــــــروى… في الفرص المتاحة والفرص الضائعة ، اتذكر ان فرصة لإجراء حوار تلفزيوني موسع مع العلامة اللغوي الكبير محمد بهجة الأثري ، لم تكن سانحة ، كما توقعت ، وكنا في زيارة مجاملة للأثري في بيته بالوزيرية ، طلبها الدكتور شاكر الفحام وزير التعليم العالي ، رئيس المجمع العلمي السوري والذي كان في زيارة رسمية الى بغداد في أواخر السبعينيات ، وحين فاتحت العلامة الأثري ، على هامش اللقاء ، بما كنت انوي القيام به ، لإنجازلقاء موسع معه، وكنت اتفقت مع الدكتور احمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقي آنذاك ، وزير الثقافة والارشاد الأسبق لكي يتحاور مع الأثري تقديرا للمكانته الرفيعة .
لكن العلامة الأثري فاجأني بانه غير قادر على إجراء الحوار، مع تقديره للمبادرة ، ورغم محاولاتي لإقناعه بامكانية تسجيل الحوار على فترات ، حتى لانثقل كاهله ، جدد الإعتذار وقال لي : ابني صباح ، راحت علينا !
فحالي اليوم ليس كما كان بالامس وذكّرني بحال الشاعر( بِشر العابد ) الذي قال في محبوبته ( هند بنت فهد ) حين جاءته متأخرة ، وبعد فوات الأوان 🙁 أتت وحياض الموت بيني وبينهـــــا / وجادت بوصل حين لاينفع الوصـــــل ) وقدرت للأثري الكبير موقفه ، واسعدني منه ديوانه ” مــلاحم وازهــــار “…وضاعت فرصة سانحة ، لانها جاءت في الوقت الضائع !!