اقتصاديون يصفون القمة الثلاثية بالمتواضعة.. هل يستفيد العراق منها
ركزت القمة بين العراق والأردن ومصر التي عقدت الثلاثاء الماضي في عمّان على القضايا الاقتصادية بين البلدان الثلاث، وتحديدا ما يتعلق بالطاقة والتجارة البينية والاستثمار. ويرى مراقبون عراقيون أن بلادهم آخر المستفيدين من هذه الشراكة.ومن أبرز القضايا التي تهم العراق احتياجه إلى منفذ ثالث لتصدير نفطه إلى دول العالم، إلى جانب المنفذين الحاليين، وسيكون من خلال ميناء العقبة الأردني، لكن اقتصاديين يصفون نتائج القمة بالمتواضعة اقتصاديا.
ويصدر العراق حاليا نفطه الخام عبر منفذين: جنوبا عبر الخليج العربي، وشمالا عبر ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط.
وحسب مؤشرات البنك الدولي، فإن الناتج المحلي للدول الثلاث مجتمعة يبلغ 580.7 مليار دولار سنويا، إذ يبلغ ناتج مصر 303 مليارات دولار، والعراق 234 مليار دولار، في حين يصل ناتج الأردن إلى 43.7 مليار دولار، مما يشكل كتلة اقتصادية لا تتجاوز كتلة دول الخليج، التي يبلغ ناتجها الإجمالي 1.6 تريليون دولار سنويا.اتفاقات النفطووقّع العراق والأردن اتفاقيات اقتصادية بداية عام 2019، تتضمن تصدير نفط كركوك إلى الأردن مقابل خصم 16 دولارا عن المعدل الشهري لخام برنت، بالإضافة إلى إعفاء 371 بضاعة أردنية من التعرفة الجمركية وغيرها، مما جعل مصر تطالب بالانضمام إلى العراق لشراء النفط العراقي بخصم يقدر بـ3 دولارات، والدخول في استثمارات الطاقة.وقال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد إن أنبوب النفط الذي يعتزم العراق إنشاءه نحو العقبة، يمتد في المرحلة الأولى من حقل الرميلة (أقصى جنوبي العراق) إلى مدينة حديثة في الأنبار (غربي العراق)، ومن ثم إلى ميناء العقبة في المرحلة الثانية، مشيرا إلى أن إنشاء الأنبوب النفطي سيُطرح كعطاء للتنافس بين الشركات العالمية، وأضاف أن تفشي فيروس كورونا مطلع العام الجاري عطل طرح المشروع.
وتابع أن العراق سيختار الشركة التي تقدم أفضل طرح وأرخصها مع الجودة العالية، وسيجري الاتفاق مع الأردن حول الأسعار التي سيتقاضاها من مرور النفط العراقي عبره، موضحا أن إنجاز المشروع يمتد بين 3 و5 أعوام.
الربط الكهربائي وإزاء الربط الكهربائي مع الأردن، أبرمت وزارة الكهرباء العراقية -خلال زيارة الوفد العراقي إلى واشنطن مؤخرا- اتفاقية مع شركة جنرال إلكتريك، تتضمن تخصيص مبلغ 727 مليون دولار لربط كهرباء العراق بالأردن، وتمول عبر الاقتراض الخارجي.وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي إن عدم إقرار الموازنة المالية للعام الحالي أدى إلى تأخر الشروع في ربط كهرباء العراق مع الأردن، لأن من ضمن بنود العقد مع جنرال إلكتريك تحمل العراق 15% من قيمة المشروع، والباقي يغطى من خلال الاقتراض الخارجي.
وأضاف أنه في الزيارة الحكومية الأخيرة لواشنطن جرى التعديل على الاتفاق مع الشركة الأميركية لتقوم الأخيرة بتغطية 6% من المبالغ المطلوبة من العراق.ونوه إلى أن طول الخط يبلغ 300 كيلومتر، ويمتد في الأردن بطول 12 كيلومترا من مدينة الريشة إلى مدينة القائم بالعراق.وأوضح أن المرحلة الأولى من المشروع تبدأ باستيراد العراق كهرباء من الأردن بواقع 150 ميغاواطا، وتنتهي عند 960 ميغاواطا، بعد انضمام مصر إلى هذا المشروع، مبينا أن أسعار استيراد الكهرباء من مصر والأردن ستحدد لاحقا.من جانب آخر، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عامر الفائز، إن الحكومة العراقية أخطرت دول الجوار أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، وليست لديها علاقات تجارية او اقتصادية محددة مع دولة بعينها.
وأوضح أن القمة الثلاثية، وقبلها زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن وطهران، بالإضافة إلى زيارة متوقعة إلى السعودية؛ جميعها تركز على تطوير العراق اقتصاديا.
وأضاف أن الاقتصاد العراقي بوضعه الحالي ريعي يعتمد بشكل رئيسي على النفط، وأن الدولة لا بد أن تتجه لفتح الباب أمام استثمارات كبيرة لتقليل الاعتماد على النفط.
تخبط من جهتهم، اعتبر اقتصاديون أن الحكومة العراقية تمارس التخبط في إدارة الاقتصاد، إذ تنظم حملة لدعم المنتج المحلي، في حين أنها تمنح الأردن ومصر امتيازات على حساب المنتج الوطني.وقال الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إن الحكومات العراقية تمارس التخبط تجاه الاقتصاد العراقي؛ فمنحت إعفاءات لنحو 371 سلعة أردنية، بينما الأردن ينتج 80 سلعة فقط، حيث يقوم بعض التجار بإدخال بضائع على أنها أردنية، ولكنها في الأساس قد تكون إسرائيلية أو سعودية أو تركية أو مصرية، حيث يقوم وسطاء في الأردن بتغليفها من جديد والكتابة عليها صنع في الأردن لإدخالها إلى العراق.
ونوه إلى أن العراق بحاجة إلى مراجعة هذه الاتفاقيات حتى لا تكون على حساب اقتصاده الذي يعاني من تراجع، مشيرا إلى وجود نحو 5 ملايين عاطل عن العمل، ويمكنه لو تم تفعيل المنتج المحلي توفير فرص عمل للآلاف.وأعرب المشهداني عن استغرابه من الاتفاق المصري الأردني العراقي الذي يسمح للعاملين المصريين بالدخول إلى السوق العراقية، مما سيؤدي إلى تراجع أجور العاملين المواطنين لأن العامل المصري يقبل بنصف أجرة العامل العراقي.
واعتبر أن نتائج القمة الثلاثية متواضعة اقتصاديا بسبب ما تواجه البلدان الثلاثة من أزمات، وبالتالي من الصعب أن تدعم هذه الاقتصادات بعضها.