تحت فساد الأمم المتحدة في العراق من يصحح أدوار (الدولة الرديفة) … ؟
سلام عادل
سُمعت الأمم المتحدة في العراق سيئة جداً، لكون هذه المنظمة الدولية لعبت أدواراً قذرة خلال عدة مواسم في العراق، لعل أشهرها التواطؤ مع الأمريكان في فرض الحصار الاقتصادي على العراقيين طيلة 13 عاماً، فضلاً عن كونها سكتت وتغاضت عن كل الجرائم والخروقات التي حصلت ما بعد 2003، على رأسها الإحتلال، حيث جرى تجنيب الولايات المتحدة وبريطانيا من أي تبعات قانونية جراء الغزو.ولعل هناك نقطة بياض وحيدة ناصعة في سيرة الأمم المتحدة خلال الـ30 سنة الماضية، والتي تتمثل بالدور الذي لعبه (سيريجو دي ميلو) المبعوث الأممي الخاص لمساعدة العراقيين أثناء الغزو، لكن مهمة (الشهيد دي ميلو) لم تكتمل بسبب استشهاده في حادث التفجير الإرهابي المدبر الذي وقع في مثل هذه الأيام من شهر آب/أغسطس عام 2003 في فندق القناة ببغداد.
أدوار الأمم المتحدة السيئة مع العراقيين ليست محصورة فقط في حدود السياسة الدولية، بل هي ضالعة حتى في عمليات فساد كبرى تتعلق بالغذاء والدواء اللذين كان من المفترض ان يحصل عليهما الشعب العراقي المحاصر في التسعينات، حيث اتضح فيما بعد ان (مذكرة النفط مقابل الغذاء) كانت تذهب نسب كبيرة من أموالها الى جيوب فاسدين كبار في الأمم المتحدة وفي بعثة الأمم المتحدة الخاصة في العراق.
وفضلاً عن الفساد السياسي والمالي للأمم المتحدة في العراق، يضاف أيضاً (الفشل إلاداري) المفضوح الذي حصل تحت مظلة الـ(UN) خلال أربعة مواسم انتخابية كانت فيها البعثة الأممية المشرف الأساسي، والجميع يعرف ان جميع العمليات الانتخابية التي جرت في العراق ما بعد 2003 كانت غير نزيهة ونالها التزوير، علاوة على سوء القوانين الانتخابية والتشريعات التي تصاغ كافكار او أليات عبر خبراء البعثة بالدرجة الأساس، فضلاً عن كون البعثة هي المراقب الرئيسي.
ولذلك تبدو سيرة الأمم المتحدة في العراق عبارة عن صفحة سوداء بعد كل تلك التجارب، خصوصاً مع الأدوار المنساقة مع الفساد السياس الذي يجري حالياً في المنطقة الخضراء تحت مظلة (يونامي) التي شاهدت واطلعت على فشل (انتخابات 2018) ورغم ذلك صادقت عليها وسكتت، وهي تشاهد الآن كل عمليات التسويف والمماطلة فيما يخص الانتخابات المبكرة القادمة، ومع ذلك تبدو ساكتة أيضاً. من هنا يبدو دور بعثة الأمم المتحدة في العراق كدور (الدولة الرديفة) التي تكون عادة موجودة في كل المتفرقات الزمنية الرئيسية، ويكون لها الدور الشرعي في حسم الأمور، وهو ما يجعل من المبعوثة الدولية (جنين بلا سخارت) بمثابة القاضي الدولي الذي تخلى عن دوره كقاضي.ما دفعني للكتابة هذا اليوم عن أدوار (الدولة الرديفة) في العراق، والمتمثلة ببعثة (يونامي) ورئيستها (جنين بلا سخارت) هو ما كتبت عنه (جرائد بيروت) هذا اليوم أيضاً، فقد طالبت صحيفة الاخبار تحت مانشيت عريض بـطرد (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) من الدولة اللبنانية، الذي كان الغرض من تأسيسه قبل 20 سنة إعادة تأهيل ومساعدة مؤسسات الدولة ما بعد الحرب الأهلية، إلا ان برنامج (UNDP) الذي يستنزف 60 مليون دولار سنوياً اتضح أنه مجرد منصة لتوزيع الرواتب، وانه بعد 20 سنة لم يعمل على إصلاح بنيوي يذكر لهذه المؤسسات، بقدر ما كان يعمل على تدمير متعمد لها.