شبابنا… ثروتنا المهدورة
هادي الدعمي
لكل مرحلة في الحياة رجال يقومون بادارتها في كل متطلباتها المتعددة، ولكل جيل رؤى وتطلعات مستقبلية تغطي كل مجالات التطور، وتختلف عنها للجيل الذي سبقه.. هذا الاختلافات تارة تكون نتيجة التغيير الفكري والسياسي والنضج الشبابي، وتفاعله الدائم مع طبيعية المرحلة التي يعيشها هذا الجيل.
بالإضافة لتوفر وسائل التطور وتذليل الصعاب لهم من قبل الحكومة، باعتبارها الراعية للشباب الواعي في كل مرحلة.الشباب هم الطاقة البشرية الكامنة والاحتياط المكنون، الذي يعتبر شريان الأمة النابض بالحيوية والطموح والأمل لتغيير الواقع نحو مستقبل أفضل، لذا تفتخر الشعوب بنسبة الشباب العالية في تركيبة سكانهالانهم الفئة التي يقع على عاتقها تنفيذ الخطط التنموية للبلاد.
كما تتشابه احتياجات الشباب في كل بقاع الأرض، يختلف نوع السياسات التي تتخذها الحكومات في معالجة قضاياهم.. فالاستثمار السلبي والخاطئ يؤدي لهدر هذه الطاقة، فتصبح معطلة دون الاستفادة من قدراتها وإمكانياتها، بل وربما تتحول خطراً على الأمة وتصبح فيما بعد من الأسباب الرئيسية في تحطيم عجلة الاقتصاد وعدم الاستقرار، وتؤدي للشلل التام في جميع مرافق الحياة الأخرى، إذا لم تتداركها حركات الاصلاح لتوفير الخدمات اللازمة لها ومعالجة الواقع وإصلاح منظومة التقيم
اما اذا اتخذ الاستثمار الإيجابي لشريحة الشباب والتعامل معهم وكأنهم المحور الأساسي في عجلة التنمية المستدامة للشعوب، من خلال مخرجات تنموية صحيحة فستصبح الرافد الأساسي، والطاقة المحركة للأعمار والبناء والتقدم في كافة مجالات الحياة، فتنهض بها الشعوب وينتعش بها الاقتصاد وينتشر الأمن والأمان والاستقرار، فترتقي البلدان بسواعد شبابها وعقولهم وذلك من خلال توظيف طموحاتهم المستقبلية وقدراتهم على التحدي في مواجهة الصعاب في عملية البناء والأعمار.هل اتخذت الحكومات المتعاقبة في العراق منذ عام ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا برنامجآ استثماريآ ذي طابع علمي متطور لتفعيل طاقات الشباب؟هذا ما فقده الشباب العراقي وأنعكس سلبا على واقعنا المرير، فحولهم من طاقة منتجة إلى طاقة سلبية تنتفظ، لتوفير فرص عمل خالية من التخطيط ومجرد كسب مادي لغرض العيش البسيط!
كله بسبب الظروف ومنها السياسية المعقدة على وجه الخصوص والابتعاد عن الشباب وهدر هذه الطاقة. صار العراق ولعقود من الزمن قوة طاردة للكفاءات وللشباب، وما وضع خططا فعلية للاستفادة من قدراتهم في التنمية، لذلك يعتبر من الدول التي لم تعرف الاستثمار في الطاقة البشرية بل استغلها النظام السابق ولعقود في الحروب وساحات القتال فقط.. لم ننظر إلى التجارب إلايجابية التي شهدتها الدول ولها واقع مشابه لما مر به العراق من أزمات اقتصادية وسياسية وحروب، ولكنها استطاعت أن تتجاوز كل الصعاب والعراقيل وأصبحت تجربتها رائدة في استثمار الطاقة البشرية وفي الشباب خصوصا، فتطورت خطط التنمية فيها وأصبحت لها مكانة متقدمة بعدما خرجت من حروب طاحنة ولسنوات عديدة، أنهكتها اقتصادياً وجعلتها تعاني العديد من الأزمات، وليصبح لها تأثير كبير في الاقتصاد والقرار والتجمعات الاقتصادية الدولية المؤثرة عالمياً، وذلك بفعل سياساتها الناجحة في معالجة قضايا الشباب.
نحتاج لتشخيص واقع الشباب العراقي المأزوم، والذي واجه معضلات ومشاكل مستعصية لعقود، من خلال دراسة تحليلية وواقعية للوضع الحالي الذي يمر به البلد، تفهم وتحلل الواقع وتشخصه وتقدم الحلول المناسبة بشكل دقيق يعتمد الدراسات العلمية.الأزمة الحقيقية التي يعاني منها شبابنا هي مشكلة شعب وطاقة بشرية معطلة، عانت من الظلم والاضطهاد لعقود من الزمن، ومن سياسات بائسة نتيجة الظروف المعقدة التي مر بها الشعب، أبعدت الشباب عن طموحاتهم الحقيقية، وتركتهم يسعون وراء هدف واحد فقير.. يتعلق بنيلهم رغيف لكي يعيشوا.