وعود قطر لتونس هبات مسمومة لأختراق قصر قرطاج
في ذروة الصراع المفتوح بين الرئيس التونسي قيس سعيد وحركة النهضة الإخوانية، قفز أمير قطر على مركب قصر قرطاج بمكالمة هاتفية حاول بها رسم مخططات لاختراق قصر الحكم.
لم تخل المكالمة الهاتفية بين قيس وتميم من سياقات سياسية متشابكة تتجاوز حدود الهبة المالية لبناء مشروع صحي كانت قد عبرت السعودية عن رغبتها في بنائه على هامش القمة العربية بتونس سنة 2019.
ويرى مراقبون أن مكالمة أمير قطر تحركها دوافع رغبة الدوحة في استمالة قصر قرطاج في ظل قطيعة سعيد للغنوشي، وعجز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن جعل تونس منطلقًا لاستراتيجياته في شمال أفريقيا.
وضمن هذه الزاوية، يعتقد المراقبون أن الدوحة تستغل الوضع الاقتصادي الصعب لتونس لانتزاع مواقف سياسية تخدم مصالحها مقابل مساعدات تستهدف قطاعات بعينها.
ولعل الفشل الإخواني وتراجع قدرات حركة النهضة على اختراق قصر قرطاج دفعا تميم بن حمد آل ثان إلى اتباع خطة بديلة وهي طرق أبواب الرئاسة التونسية بحثا عن تموضع جديد.
نرجس بن قمرة الباحثة في العلوم السياسية ترى أن الدوحة تريد أن تقفز على الانكماش الاقتصادي الحاد الذي تعيشه تونس وكذلك وعلى رغبة رئيس البلاد في بناء مستشفى بمنطقة القيروان لـ”شراء” موقف سياسي يخدم الأجندة الإخوانية بالمنطقة وخاصة شمال أفريقيا.
وأكدت بن قمرة في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن الوعود القطرية منذ سنة 2011 لم ترتق إلى مرتبة الجدية؛ حيث أن وعودها بتقديم مليار دولار سنة 2016 لدعم الاقتصاد لم يقع تنفيذها وكانت فقط حبرا على ورق.
ويعيش الاقتصاد التونسي حالة تراجع حادة بفعل كورونا؛ حيث تراجعت نسبة النمو إلى 21 تحت الصفر، وارتفعت البطالة من 15% العام الماضي إلى 18% خلال الربع الأول من 2020، وتجاوزت قيمة المديونية 90% من الناتج الداخلي الخام.
فشل إخواني جديد
فشلت حركة النهضة الإخوانية في اختراق قصر قرطاج، وتحويل الرئاسة التونسية إلى دمية يحركها التنظيم الدولي، مثلما كان الحال مع الرئيس الأسبق محمد منصف المرزوقي.
ولعل يقظة سعيد، حسب العديد من المحللين، أربكت مشاريع حركة النهضة التي حاولت منذ البداية إحاطة الرئيس بعناصر تخدم التنظيم السري للإخوان.
“النهضة” و”قلب تونس”.. تحالف الإرهاب والملفات المشبوهة
وسجلت حركة النهضة ومن خلفها النظام التركي فشلا بينا في تحويل وجهة قصر قرطاج، ما دفع قنوات تركية وقطرية مثل “الجزيرة” لشن حملات مفتوحة على الرئيس التونسي.
ومكالمة تميم بن حمد لقيس سعيد لا تخفي في بعض أوجهها رغبة قطرية في تعويض دور حركة النهضة الذي سجل فشلًا ذريعًا في التأثير على مواقف الرئيس التونسي حتى أصبح مجال التراشق بينهما مفتوحاً.
وقد تكون في بعض جوانبها محاولة للتغطية على المؤامرات والدسائس التي رتبتها “الآلة الشيطانية” للمحور التركي القطري وصلت حد التفكير في الانقلاب على قيس سعيد بحسب المتابعين.
الدبلوماسي التونسي السابق السفير جلال لخضر قال في تدوينة عبر فيسبوك إن “قيس سعيد أحبط عملية خطيرة كانت تستهدفه من دوائر تركية في الليلة الفاصلة بين يومي 21 و22 يوليو/تموز الماضي”.
واتهم الدبلوماسي السابق نظام أردوغان بلعب دور خطير ضد الرئيس التونسي، بعد رفض سعيد مساعي أنقرة لإنشاء منصة عسكرية في بلاده لاستهداف الجيش الليبي.
وكان سعيد قد توجه في فجر الليلة المذكورة إلى الثكنة العسكرية بمحافظة بنزرت (شمال البلاد) وتحدث إلى جنرالات تونسية حيث تم نشرها وقائعها عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية.