امريكا .. السلاح السري
فلاح المشعل
حتى وقت قريب كانت الدول تتفاخر بامتلاكها لقوة عسكرية جبارة في عدد الجند والدبابات والمدافع والطائرات وآلات الحرب الأخرى، وذهبت بعض دول العالم الثالث نحو السلاح الكيمياوي أو الجرثومي والنووي واستهلكت ميزانيات مليارية هائلة دون التحول الى قوة عظمى في التنافس التسلحي الذي رسمته لها وحددت سقوفه الدول الكبرى .تكشفت خلال السنوات الأخيرة أنواعا جديدة من الأسلحة التي كرست واقع التفوق الهائل في اسلحة الإبادة الجماعية التي ارتبطت باستراتيجيات الدول الكبرى والتنافس بين النظام الرأسمالي الامريكي من جهة ، ورأسمالية الدولة كما في الصين وروسيا من جهة أخرى ، تلك الأسلحة لها قدرة الإبادة الجماعية وبصمت، دون ضجيج المدافع وصخب الطائرات . الأسلحة الثلاثة تتمثل بالسيبراني والفايروسي والاقتصاد، أعطت للدول التي تمتلكها مستوى جديد من تصنيفات القوى العظمى مايجعلها فوق التصنيف النووي، وتتقاسمه كل من امريكا بكونها تمثل مركزية القوة الغربية وكل من الصين وروسيا، وفي الوقت التي تحافظ به على سرية عمل السلاحين الأول والثاني، فأن معدلات النمو والإنكماش يظهر التفوق الاقتصادي الذي تحرز فيه الولايات المتحدة الامريكية الموقع الأول عالميا ومنذ الحرب العالمية الثانية . السلاح السيبراني حطم وفجر العديد من منشآت الصناعة الحربية في نطاقها خطواتها النووية وفي مواقع تحسبها دولها سرية ومحصنة كما حدث في سوريا وايران وغيرها، كما استخدم السلاح الفايروسي في انواع الأوبئة التي تصيب بعض المجتمعات أو اقتصادياتها، كما تذهب بعض البحوث الى تبرئة الطبيعة من انتاج كوفيد 19 كورونا .الأسلحة الجديدة أعطت تفوقا ليس بالقوة والهيمنة وحسب، وإنما بفيوض مالية، فأذا كانت كلفة حرب امريكا لأحتلال العراق تبلغ 2 ترليون دولار كما تقدرها بعض الدوائر الامريكية عدا الخسائر البشرية، فأن السلاح السيبراني وهو يعلن تفوق العقل التقني في توظيف المعادلات الرقمية بسلاح سري تخريبي يتسلل الكترونيا ويخترق تحصينات الشبكة العنكبوتية ليعبث ويفجر كما هو مبرمج ، يأتي هذا التدمير بعد أن انفقت الدول الطامحة بامتلاك السلاح مايرهق ميزانياتها ويترك شعوبها على حافة الجوع والفاقة ، وكان المستفيد الأول هي الدول العظمى المنتجة له . كذا الحال مع السلاح الفايروسي فأن انتاجه يرتبط بأنتاج علاجه أو لقاحه واذا تم انفاق مليار دولار على توليده مختبريا، فأن فوائد أمصال اللقاح والدواء تبلغ مئات أو الآف المليارات ناهيك عن تأديته للغرض التدميري الذي انشأ لأجله .الدولة الحكيمة في الظرف الدولي الراهن ينبغي أن تبحث في شؤون استقرارها الاقتصادي وانعاش شعبها والأهتمام بقواعد التنمية الصناعية والزراعية والعلمية والصحية والثقافية والتعليمية، دون الانجرار لفكرة القوة والهيمنة التي تنتهي الى الوهم والضعف وتلاشي حتى عناصر قوتها التقليدية، مع ظروف مشددة بالفقر والبؤس تنتهي بتفكيك الدولة وتشريد شعبها وتدمير حضارته وموروثاته، وهذا ماحصل في العراق وليبيا وسيحصل مع دول أخرى مازالت تفكر بعقيلة ماضوية .