تفاصيل عشتها في بيروت
حسن النصار
وبرغم ذلك لم تيأس الأغاني، ولم ييأس الشعراء الذي ظلوا يكتبون ويغنون لبيروت الموجوعة منذ القدم المفجوعة بالحوادث والاحاديث، جئتك احمل وجعي في قلبي ووجع في جسدي ووجع في حقيبتي، كأنني اردت عمل خلطة من الوجع يجتمع عليها العراقيون واللبنانيون ويغنونياحبيبتنا بيروتشو صاير بالدنيبيروتيابيروتدخلك لاتنحنينزلت في مطارك راقبت شاطئك الممتد، ونظرت في الأفق البعيد كأني في خيال يمتد مع ذلك الأفق، سافرت ثانية من على شواطئك عبر الغيوم البعيدة الى المدن القصية والموانيء الهانئة، تذكرت بغداد وأنا أجول في شوارعك واحلم بخلاصك ونهايات العذاب وفجأة.فجأة يابيروت ينفجر كل شيء، تموت الطيور، وتتناثر جثث الغيوم، ويتهاوى الناس في الشوارع، وكل شيء يتحول الى جحيم، ويتطاير زجاج النوافذ في البيوت والشقق والطرق وعلى الارصفة، بينما تتهاوى السقوف على رؤوس الناس، ويتحول الهدوء الى صراخ، والوجع الى فجيعة وينزل السكان الى الشوارع، وحين تسير ليلا تخشى ان ينزل عليك رذاذ الزجاج المتناثر في كل مكان، بينما تكاد البنايات ان تنهار على الجميع، وليس في الطرقات سوى الحطام والترتب والحجر، وبقايا أشياء غير معروفة، وظلام يلف كل مكان.كأن بيروت تتناثر من حولنا وينثرنا الحزن على الأرصفة، ونحن نبحث عن فندق بديل بعد أن حل الدمار في أغلب الفنادق مثلها مثل كل شيء في بيروت الحزينة التي تصارع القلق والخوف وبعض الألم والمعاناة بسبب الظروف الإقتصادية القاسية والصادمة.نخاف من صبيحة الغد، فمازال عدد الجرحى والقتلى غير معروف، وتتغير الأرقام من حين الى آخر، بعد إن إنفجر المرفأ الرئيس في العاصمة، وإمتدت آثار الحرائق والإنفجارات والعصف الى كل مكان، وأصابت الناس بالهلع، ولم تفرق بين غني وفقير، ولابين مسلم ومسيحي، فالنار كانت تقترب من الجميع، والموت والجراح يجمع اللبنانيين الذين ينظرون الى مستقبل غير واضح حزين صعب، لاندري مايخبؤه لهم.