مقالات

لم يكن ينقص العراق غير هذا العار !

بقلم:مهدي قاسم

لم يكن ينقص العراق غيرعارعملية اختطاف الناشطة الألمانية ومديرة منظمة “بيت تركيب” للفنون المعاصرة هيلا ميوس ، طبعا ، إلى جانب عارات كبيرة وكثيرة أخرى ، أُغرق العراق بها بفضل سلوك وبلطجيات عصابات لصوص وميليشيات منفلتة و إجرامية سافرة بوقاحة وصلافة وهي مدججة بكل أنواع السلاح وباقي وسائل الفتك والهلاك ، وقد هيمنت ــ بغفلة من الزمن ــ على مصير العراق وحولته إلى بلدات كابوي الأمريكية في عصور الغرب المتوحش الغابرة ، فأضحى العراق مكانا خطيرا بالفعل ، يمكن ارتكاب أي شي و مهما كان رهيبا وفظيعا و غيرمعقول من حيث الوحشية : سرقة ونهبا و خطفا و اغتيالا وتعذيبا وتغييبا ، وفي وضح النهار أوبدايات المساء و أمام أنظار قوات الأمن والنظام ، ذلك لأنه في عراق الدمج والمدموج المدمّج الثلاثي والرباعي ، ربما برعاية أمنية إيرانية مباشرة ، من الصعب جدا التمييز بين بلطجي ميليشاوي وبين جندي أو ضابط مسلكي ، فمن هنا هذا التواطؤ والضلوع وتسهيل عملية اللصوصية والقتل أو الخطف والاغتيال دائما من حيث يبقى الفاعلون مجهولين مع أنهم معرفون جدا عند الأجهزة الأمنية ، نقول ذلك لأنه في أحايين عديدة حدثت عملية خطف أو اغتيال بقرب حواجز أمنية أو في محيط مقراتها المزروعة بكاميراتها الشغالة ، دون أن تحرك هذه القوات ساكنا ، و بدلا من نجدة فورية و استجابة سريعة لاستغاثة وطلب العون من قبل الضحية تعمل هذه القوات الأمنية حالها و تتظاهر كأنها لا سامعة ولا شايفة !!..يعني عمياء و خرساء ولا هم يسمعون صرخات الضحية البريء !.. و إذا عرفنا أن النشاطات ” الإجرامية و الرهيبة ” وغير المغتفرة للناشطة الألمانية المختطفة ، من قبيل كونها تستخدم دراجة هوائية في تنقلاتها في شوارع بغداد ، فهذا السلوك بحد ذاته يعتبر جرما أخلاقيا وتجاوزا فظا على ” القيم الأخلاقية ” لهذه المليشيات الشريفة جدا، إذ لا يجوز للمرأة أن تركب دراجة هوائية فإنه سلوك عيب و عار بالنسبة لهم ، فضلا عن قيامها بنشاطات إعلامية وفنية متنوعة كأقامة معارض للفن التشكيلي و مساعدة شباب عراقيين موهوبين بغية حصل بعضهم على منح في الخارج ، وهي نشاطات تحاذي الخلاعة الأخلاقية في نظر هذه الميليشيات و أحزابها الفاسدة والعميلة التي تكره وتمقت كل ما له علاقة بالثقافة والفنون والقيم الجمالية وفروعها المختلفة ، لأنها منذ تسليم السلطة لها من قبل المحتل الأمريكي ، قامت بتدمير الثقافة والفنون في العراق من دور وأندية ثقافية وصالات سينما ومسرح و قاعات عرض و غير ذلك ، جنبا إلى جنب مع عمليات قتل كتّاب وفنانات وعاملات في مجال الحلاقة و صالونات الجمال ، لأنهم في الظاهر لا يحبون غيرأجواء ومناخات النحيب واللطم و الحزن والكأبة وتعذيب الذات ، والسعي الدائم لخلق أجواء عاشورائية دائمة في حياة العراقيين اليومية دون أن يعنيهم أنه يوجد في العراق مواطنون آخرون من غير الجماعات ” العاشورائية ” الكئيبة والمذهبية المتشددة كتشدد الوهابية التكفيرية .حراك للكشف عن مصير الناشطة الألمانية.. واستياء من ’صمت’ السلطاتطالبت جمعية حقوقية، أمس الأربعاء، السلطات بالكشف عن مصير الناشطة الألمانية ومديرة منظمة “بيت تركيب” للفنون المعاصرة هيلا ميوس.وتصدر وسم “#اطلقوا سراح هيلا ميوس”، تغريدات تويتر العراقية، حيث رافق الوسم تغريدات طالبت باطلاق سراح الناشطة، وتحجيم دور الجماعات الخارجة عن القانون التي تنفذ عمليات الخطف الممنهج. وكانت ميوس، قد نشرت قصص شباب التظاهرات العراقية باللغتين العربية والإنكليزية في موقع منظمة تركيب لإيصال صوت المتظاهرين إلى العالم.وبحسب مقطع فيديو نشره ناشطون تحدثت الناشطة الألمانية عن حبها لبغداد، قالت: “عندما وضعت قدمي على أرض بغداد شعرت أنه الوطن”، وهي بداية ما دعته “قصة الحب” التي لم تكن مع شخص بل مع “السيدة بغداد” كما وصفتها. وقال أحد الناشطين لموقع “الحرة” إن “هيلا كانت صورة جميلة، وغريبة، في شوارع بغداد التي يسيطر عليها المسلحون المتشددون”، مضيفا أن “أوروبية شقراء تتجول في بغداد على دراجة هوائية ليلاً ونهاراً، ربما كان هذا وجه بغداد في السابق لكن يبدو أن المسلحين يريدون طمس هذا الجانب تماماً من ذاكرة البغداديين”.ويقول الناشط، طالبا عدم كشف هويته، إن “هيلة الكرادية، كما تحب أن تسمي نفسها نسبة لحي الكرادة في بغداد، كانت موجودة في التظاهرات بشكل مستمر توثق بكاميرتها أحداث القمع وتتكلم لوسائل الإعلام الألمانية والأوروبية، وقد يكون هذا سبباً آخر لاستهدافها”. وقالت الناشطة نوف عاصي لموقع “الحرة” إن “هيللا هي إنسانة بسيطة يعرفها جميع سكان الكرادة وشارع أبو نؤاس لأنها معتادة على التجول بالدراجة هناك”.وتضيف عاصي “قدمت هيلا الدعم لعشرات الفنانين الشباب، بل إنها ساهمت بحصول بعضهم على منح دولية أو إشراكهم في معارض فنية لزيادة خبرتهم”. وقال مصدر حكومي عراقي إن السلطات العراقية تعتقد أن الخاطفين “غير عراقيين”.ونفى المتحدث باسم كتائب حزب الله مسؤولية جماعته عن الاختطاف، لكنه اتهم ما اسماهم “عصابات الكاظمي” بالقيام به، مما أثار سخرية واسعة على مواقع التواصل العراقية.وتداول ناشطون شريط فيديو يعتقد أنه لعملية الاختطاف، تظهر فيه مجموعة تستقل باصاً صغيراً، مع سيارات متوقفة بشكل يحجب رؤية الكاميرا، ثم يظهر فيه راكب (أو راكبة) دراجة وهم يجبرونه على الصعود في الباص.وبدأت ألمانيا تحقيقاتها لمعرفة مصير هيلا، وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ، أن وزارته بدأت النظر في القضية من أجل إيجاد “حل يضمن الشخص المعني وأمنه وسلامته”، دون أن يضيف أي تفاصيل.وفي هذا السياق أوضحت صحيفة زوددويتشه الألمانية أن اختطاف البرلينية هيله مويس في بغداد يطرح السؤال: هل كانت الناشطة ضحية الصراع الجيوسياسي بين برلين وبغداد وطهران؟وأشارت الصحيفة إلى أنّ الناشطة الألمانية هيله انتقلت إلى بغداد، وكانت تعتبر العاصمة العراقية بمثابة منزلها، ولفترة طويلة، شعرت بأمان أكبر بها، وكانت مهتمة بالثقافة فقط، ومبتعدة عن السياسة وصراعات السلطة، لذا جمعت المال للمصابين في الهجمات.ووفقًا لصحيفة للصحيفة الألمانية، كانت “هيله” تقوم بالإشراف على المعارض والعروض الثقافية، ولديها دائماً حفنة من المشاريع تشرف عليها في بغداد.ولفتت الصحيفة إلى أنّ “هيله” كانت شغوفة بإنتاج مسرحيات عن مصير النساء، ولديها معارض صور وتقوم بورش عمل، وقد نظمت حفلاً غنائياً يوم السبت الماضي في وسط بغداد على شوارع متداعية في الحر الشديد، حيث حوّل الفنانون الشارع إلى استوديو ومعرض.ورأت الصحيفة الألمانية أنّ ما أسمته “الهيجان السياسي” في العراق هو سبب اختطاف هيلا ميويس، فعندما احتج شباب عراقيون على الفساد وتعسف الميليشيات وتأثير إيران على بغداد في الخريف الماضي ، عانت الناشطة من عنف الدولة.وفي منتصف تشرين الأول الماضي، أرسلت بريداً إلكترونياً يائساً كتبت فيه عن “الإعدام الجماعي” و “حمامات الدم ” ، و التحضير لـ دولة إجرامية.وأضافت الصحيفة أنه على عكس المؤسسات الحقوقية الأخرى، لم تجلب هيله الألمان إلى العراق، ولكنها جلبت الفنانين العراقيين إلى ألمانيا.و أشادت سوزان هون، المديرة الإقليمية لمعهد جوته في الشرق الأوسط، بأن مجهودات الناشطة في بغداد كانت لا تقدر بثمن.وأوضح التقرير أن هيله ميويس هي ضحية الصراع الجيوسياسي بين برلين وبغداد وطهران، وبخاصة، أنه قبل بضعة أسابيع، أعلنت ألمانيا حظر حزب الله اللبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى