أثار اغتيال الباحث العراقي البارز هشام الهاشمي مخاوف من دخول البلاد في مرحلة مظلمة وعنيفة
مع وصول التوترات الحادة بين فصائل والحكومة إلى مستويات جديدة، وفق محللين.واغتال مسلّحون مجهولون يستقلون دراجتين ناريتين الهاشمي (47 عاماً) مساء الإثنين أمام منزله في شرق بغداد، في هجوم أثار موجة غضب وتنديد في العراق وخارجه.وفيما لا يزال المنفذون طلقاء، يلفت خبراء إلى أن عملية الاغتيال تؤشر إلى تحوّل مأساوي في العنف السياسي المتصاعد منذ انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.وتقول بلقيس ويلي من هيومن رايتس “القوات المسلحة من مختلف الانتماءات قتلت متظاهرين وغيرهم ممن هم على استعداد لانتقاد الحكومة والقوات المسلحة علناً، وأفلتت من العقاب”.وتضيف “لكن قتل شخص في مكانة الهاشمي يشكل ضربة كبيرة في بلد يشجع الإفلات التام من العقاب فيه بعض الجماعات على ارتكاب انتهاكات جسيمة، فيتمكنون من قتل أي شخص من دون محاسبة”.ويعرف عن الهاشمي، وهو من مواليد بغداد، ظهوره المنتظم على القنوات التلفزيونية المحلية والأجنبية لتحليل أنشطة الجماعات الجهادية والسياسة العراقية، كما كان وسيطاً بين أطراف سياسية عدة لقربه منها جميعها، ما كان يضمن له مستوى من الحماية.واتخذ الهاشمي موقفاً داعماً بشدة للانتفاضة الشعبية المطالبة بإصلاح شامل للنظام السياسي العراقي والمندّدة بموالاة الحكومة السابقة لمعسكر خارجي.وخلال موجة الاحتجاجات التي استمرت ستة أشهر، اغتيل عشرات الناشطين أمام منازلهم بأيدي مسلحين مجهولين غالباً ما كانوا يستقلون دراجات نارية.ولم تتمكن السلطات من كشف الجناة.وهوجم الهاشمي واتّهم مع آخرين بأنهم “عملاء” و”خونة الوطن” و”مؤيّدون لإسرائيل والأميركيين”.ويقول الباحث العراقي عادل بكوان الذي عرف الهاشمي “المعايير تغيرت منذ تشرين الأول/أكتوبر. كأن هناك أسلوب عمل جديدا”.- “لن يكون الأخير” -ويقول الباحث ريناد منصور من “تشاتام هاوس” والذي عمل مع الهاشمي لسنوات عدة “كان هشام على علم بأن الأمور قد تغيرت”.وقدّم الهاشمي المشورة للكاظمي لسنوات طويلة. ووضعت هذه العلاقة الباحث السياسي في “خطر” عندما أصبح رئيس المخابرات رئيسا للوزراء، كما يقول مقربون منه.وبحسب بكوان، هي “المرة الأولى منذ العام 2003 التي يكون فيها تحالف مقدس بين الحكومة ومجموعة مؤثرة من المثقفين. والآن، يتم استهداف الأشخاص الذين هم رموز للاحتجاجات والحكومة على حد سواء”.ويضيف “قد يكون الهاشمي أول شخصية بارزة تغتال، لكنه لن يكون الأخير. هناك أسماء أخرى في هذه القائمة السوداء”.- “مهمة انتحارية” -وتعهد الكاظمي بمحاسبة قتلة الهاشمي. وأقال على وجه السرعة قائد الشرطة في المنطقة التي اغتيل فيها الهاشمي.لكن الأمل بالمساءلة الحقيقية ضئيل، ويرى السياسي العراقي رائد فهمي إن استشهاد الهاشمي يشكل تحديا لحكومة الكاظمي.وقال في تغريدة على تويتر إن هذا “اغتيال سياسي يحمل رسائل تحذير جدية لأكثر من جهة ويمثل تكميما للكلمة الحرة وتحديا للحكومة ورئيسها ولمنهج الإصلاح”.ويقول المؤرخ عمر محمد الذي وثّق الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش في الموصل “كان من الممكن أن يكون أي أحد منا. لقد تم إخطار أصدقائنا بمغادرة البلاد على الفور “إذا لم يقم الكاظمي بخطوة قوية، فإن الحياة المدنية في العراق ستختفي. لكنني أخشى أنه لن يفعل ذلك. إنها مهمة انتحارية.