أم الأسرى الفلسطينيين.. أيقونة نضال في مواجهة قمع حماس
أنا صخرة ولن ألين.. حبوا فلسطين”.. بهذه الكلمات تخاطب المناضلة الفلسطينية هندومة وشاح (أم جبر) (90 عاما)، الشخصيات والوفود التي تقاطرت إليها تضامنا وتنديدا بالاعتداء الذي تعرضت له من قبل عناصر تابعة لشرطة حماس في قطاع غزة.
وأشعل اعتداء شرطة حماس على أم جبر التي تلقب بـ”أم الأسرى الفلسطينيين”، مساء الخميس الماضي، موجة غضب عارمة لا تزال تداعياتها مستمرة.
تضامن واسع
وفي بيتها الذي تحول إلى مزار للمتضامنين كانت أم الأسرى شامخة رغم الوهن الذي أصابها حزنا على آلية التعامل مع مناضلة بحجمها لم تعرف التفرقة بين الأسرى في أي لحظة من اللحظات.
كما لم تتوقف الاتصالات الهاتفية من قيادات فلسطينية وعربية تطمئن على أم الأسرى، وتستهجن اعتداءات حماس وأجهزتها الأمنية.
في حين أصدرت غالبية الفصائل والمؤسسات الفلسطينية بيانات إدانة واستهجان لما حدث.
جبر وشاح وهو أسير فلسطيني محرر ويشغل منصب نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يشعر بالأسف الكبير لما حدث من تعسف من قوات الشرطة.
تعسف وسوء تقدير موقف
وقال وشاح في حديث اطلعت عليه (الاولى نيوز) : “إن الشرطة مارست التعسف وأساءت استخدام السلطة وتقدير تبعات القرار الصادر بفتح شارع مغلق”.
وشاح الذي أمضى 15 عاما في سجون إسرائيل، لم يسلم هو الآخر من الاعتداء، فأشار إلى أنه تعرض للاحتجاز واقتيد مع آخرين لمركز الشرطة قبل أن يجري إخلاء سبيله.
ورغم أن المناضل الفلسطيني يحاول التخفيف مما حدث معه ومع والدته من اعتداء وتنكيل، إلاّ أنه يتمسك بحق عائلته في رد الاعتبار واستهجان التعسف في استخدام السلطة من الشرطة.
ومع تعدد الروايات حول ما تعرضت له أم الأسرى الفلسطينيين، سواء من اعتداء مباشر من شرطة حماس، أو دفعهم لها بالقوة، دون اعتبار لمكانتها الوطنية والمعنوية، فإن المحصلة واحدة، وهو التعدي وإهانة رمز فلسطيني يتجاوز كل الفصائل والقوى.
اعتداء عشوائي
مؤيد وشاح، حفيد أم جبر، كان أكثر وضوحا في اتهام قوات حماس بالاعتداء على جدته ونساء عائلة وشاح، مشيرا إلى أن الشرطة اعتدت على الجميع بالهراوات والدفع، ما أدى إلى إصابات بالرضوض والجروح لدى العديدين.
غسان وشاح، أحد أحفاد أم الأسرى، روى في حديث اطلعت عليه (الاولى نيوز) ما حدث مشيرا إلى أن حماس حشدت العشرات من عناصرها الأمنية بذريعة فتح شارع مغلق، ومارست اعتداءات وضرب عشوائي على النساء والرجال وحتى منازل الجيران جرى اقتحامها لمنع تصوير الاعتداءات.
وأكد أن حجم التعاطف والتنديد من الجمهور والقوى الفلسطينية كان كبيرا وواسعا وكشف إلى أي مدى كانت الجريمة بشعة بحق مناضلة كبيرة.
هذا ما حدث
مركز الميزان لحقوق الإنسان، وثق ما حدث مبينا أن قوة كبيرة من الشرطة الخاصة والشرطة النسائية وجرافتين وشاحنة وصلت إلى دوار دعابس في بلوك (3)، بمخيم البريج وسط القطاع، وذلك بهدف فتح أحد الشوارع المغلقة منذ سنوات طويلة، وإزالة غرفة تعود لعائلة وشاح هناك.
وأضاف “عندها تجمع عدد من المواطنين من عائلة وشاح ومن سكان المخيم، بينهم عدد من السيدات، وحدثت مشادات بين المواطنين وعناصر الشرطة، واستخدمت الأخيرة القوة لفض التجمع، وأطلق أفراد الشرطة النار في الهواء، واعتدوا بالضرب بالهراوات على بعض المتجمهرين”.
وأشار إلى أن العديد من المواطنين أصيبوا ببعض الكدمات، ونقلوا على إثرها إلى مستشفى شهداء الأقصى في المحافظة الوسطى لتلقي العلاج.
وذكر أن من بين من تم نقلهم للمستشفى السيدة هندومة راشد إبراهيم وشاح (أم جبر) (90 عاماً)، واثنتان من بناتها، في حين اعتقلت الشرطة عدداً من المواطنين على خلفية الحادث، لتطلق سراحهم لاحقاً من مساء اليوم نفسه.
قوة مفرطة
وأكدت مؤسسة الحق، أن شرطة حماس لجأت لاستخدام القوة المفرطة أثناء تنفيذها قرار المحكمة المتعلق بالهدم، ما يشير إلى التسرع في تقدير الموقف، ودون اعتبار للكرامة الإنسانية للمواطنين، وعدم مراعاة القواعد الخاصة بإنفاذ القانون والتدرج باستخدام القوة.
وقالت المؤسسة في بيان تلقت “العين الإخبارية” نسخة منه: إن ما يفسر ردة الفعل الغاضبة والمستهجنة، في المجتمع الفلسطيني لما حدث، هو المكانة المعنوية والنضالية التي تتمتع بها أم جبر وشاح وعائلتها في عيون الفلسطينيين وضمائرهم وجزء لا بأس به من المجتمع العربي.
وشددت على أن مبدأ سيادة القانون كل لا يتجزأ من حيث المساواة أمام القانون وعدم الانتقائية في التطبيق والالتزام باحترام كرامة الإنسان وحقوقه.
وطالبت “الحق” بفتح تحقيق جاد وشفاف بأحداث مخيم البريج وما رافقها من انتهاكات، بما يكفل إحالة كافة المتورطين في تلك الانتهاكات للمساءلة، والعمل على جبر الضرر وانصاف الضحايا، ورد الاعتبار للحاجة أم جبر وشاح، والإفراج عن المحتجزين.
الأولى نيوز – متابعة