د. فاتح عبدالسلام
عدو الانتخابات الاول، الاغتيالات والاستقواء بالسلاح، وفي حال كشر هذا العدو عن أنيابه في العراق أكثر ممّا فعل في الشهور الأخيرة الماضية، فلا قيمة للانتخابات حينها، إذا جرت أو لم تجر، بل انَّ تأجيلها هو الأنسب من اقامتها على جثث ضحايا ورشقات رصاص أو فحيح كواتم. لا شيء مقدساً أكثر من دماء العراقيين، وهذه هي الحقيقة التي تسطع لتغطي على أي ممارسة سياسية، مهما كانت أهدافها نبيلة وغاياتها ايجابية. نكاد نطوي سنتين من المداولات والمزايدات والمهاترات حول شأن الانتخابات المنتظرة، وقد أسفرت عن القوائم التي تنتظر الخوض في غمارها، بالرغم من عدم وجود علامات أولية تدل على امكانية حدوث تغييرات جوهرية تتناسب مع كمية الدم المسفوح على أيدي الظلاميين، لكنها تبقى الخيار الوحيد المتاح لحماية آخر خط من الدفاع عن السلم الاجتماعي، بعد أن فشلت جميع حلقات تكوين العملية السياسية منذ العام ٢٠٠٣ في انتاج مضادات الانهيارات ومساعدات التفاهمات السياسية اليسيرة المراعية للمصالح العليا النابذة للأوهام التي تعشعش في رؤوس لا تنتمي الى روح البلد ومعاناته وطموحات شعبه، وقبل ذلك لا تَمُتّ بصلة الى أنين الناس في معاناتهم الطويلة التي يكاد المرء لا يرى لها نهاية لولا ذلك الأمل المُعلّق بحقيقة انَّ الطفيليات لها دواء مضاد ناجع، مهما انتشرت واستقوت على الصحيح الباقي من جسم البلد. غير انَّ هذا الخط الدفاعي عن السلم الاجتماعي يجب أن يتوافر على عناصر وجود سليمة وصحيحة ، وإلا كان هو ذاته سبباً في الفوضى. أعرف أنَّ كلّ شيء وأيّ إجراء يسير باتجاه هذه الانتخابات المبكرة الموعودة، لكن هناك من الشواخص والدلالات الأبرز والأقوى ما يجعل المرء لا يرى حرمة لوجود شيء مهما تمسّكنا به أمام حرمة الدم العراقي.