بعد شد وجذب استمر لأسابيع، أعلنت المملكة العربية السعودية اليوم موقفها الصريح ازاء الزيارة التي كانت متوقعة لولي عهدها الشاب محمد بن سلمان الى العراق، تلك الزيارة التي اثارت الشارع العراقي مؤخرا بشكل لافت وقوبلت برفض واستنكار شديدين من قبل جهات عراقية عدة، لا سيما فصائل الحشد الشعبي، على خلفية تصريحاته المتكررة التي توصف بـ العدائية ضد العراق وايران.
وزارة الخارجية السعودية، نفت اليوم السبت، الأنباء التي تتحدّث عن زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى العراق.
وقالت الخارجية على صفحتها في موقع “تويتر” إنه “لا صحة لما تتداوله بعض وسائل الإعلام عن زيارة ولي العهد إلى جمهورية العراق الشقيقة”، منوّهة في الوقت نفسه بـ”العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والتطوّرات الإيجابية التي تشهدها مؤخراً في المجالات كافة”.
هذا النفي جاء ايضا على لسان المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي في بيان الثلاثاء (27 اذار)، اذ قال أن “العراق منفتح على جميع الدول الشقيقة والصديقة وتعزيز علاقاته وفق المصالح المشتركة”، لافتا إلى أن “السياسة التي تتبعها الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي أثبتت نجاحها في عودة العراق للمجتمع الدولي وجعله قوة فاعلة في المنطقة”.
وتابع الحديثي: “زيارة من قبل المسؤولين في هذه الدول إلى العراق ستعلن عنها الحكومة العراقية بصورة رسمية، ولا ينبغي الاهتمام بشائعات بهذا الصدد أو التعليق عليها”.
في هذه الاثناء، سرت أخبار عن تأجيل الزيارة إلى ما بعد الانتخابات التشريعية العراقية، بعد برفض مراجع دينية وشخصيات سياسية عراقية لهذه الزيارة.
وبالرغم من كثرة الأحاديث التي تظهر بين الحين والآخر عن تطور في العلاقات العراقية-السعودية وتجاوزها مرحلة الاتهامات المتبادلة والسعي الحكومي لعكس صورة إيجابية عن خطوات التواصل في هذا الاتجاه ظلت قطاعات واسعة من العراقيين ومن النخب السياسية والكتل البرلمانية تنظر بريبة أو بعدم رضا لهذه التوجهات .
اذ انه بمجرد ما تسربت اخبار عن الزيارة أعلن آلاف الأشخاص من أنصار منظمات وهيئات تابعة لحزب الله العراقي رفضهم “التطبيع” مع المملكة العربية السعودية التي حملوها مسؤولية “الإرهاب” الذي عاشه العراق، وطالبوها بالتعويض والاعتذار كشرط للتطبيع.
ورفع المتظاهرون الذي تجمعوا في شارع فلسطين شرقي بغداد الأعلام العراقية وأعلام الحزب ولافتات وصورا تندد بسياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عدد من دول المنطقة، بينما أغلقت الأجهزة الأمنية المنطقة وقطعت الطرق المؤدية إليها.
وأعلنوا رفضهم لأي زيارة يقوم بها ولي العهد السعودي للعراق أو تحسين العلاقات مع السعودية، وحملوا لافتات كتب عليها “بن سلمان مجرم حرب”.
الى ذلك، يرى الكاتب الصحفي، احمد البياتي لـ (الاولى نيوز) ان “تلك المواقف الرافضة للزيارة تأتي من مؤشرات يراها البعض دالة بوضوح على أن السعودية ليست لديها نية حقيقة من اصلاح موقفها تجاه العراق، وأن احاديث التقارب تنضوي ضمن لعبة الاستقطاب ومحاولة إيجاد موطئ قدم للتأثير ، فيما يستمر الدعم السري على مستويات مختلفة لغرض تقويض الامن العراقي”.
من جانبه، قال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر في جوابه على سؤال بشأن موقفه من الزيارة، ان “العراق لا يجب أن يبقى ساحة للصراع، ويجب أن ينفتح على جميع جيرانه بالسوية”، لافتا الى أن “العراق بحاجة الى حل مشاكله بحنكة وحكمة، وان يخرج من الصراع الطائفي بأي صورة كانت”.
وأكد الصدر على ضرورة أن “يُزار العراق ولا يزور فقط، كما أن كل زيارة يجب أن يؤخذ بها مصلحته لا مصلحة الزائر فقط او مصلحة دول أخرى، والا لا منفعة منها”، لافتا الى اهمية أن “يحفظ استقلالية العراق وعدم تدخل الآخرين بشؤونه”.
وشهدت العلاقات السعودية العراقية تحسنا كبيرا في الأشهر الماضية، حيث تبادل الجانبان الزيارات الرسمية، وأعادا فتح المنافذ الحدودية بينهما بعد 25 عاما من إغلاقها.