مقالات

يوم نانسي بيلوسي

عيدالهادي مهودر

عام من الخصومة الشخصية انتهى بشماتة نانسي بيلوسي بدونالد ترمب بشكل غير معهود في التقاليد الامريكية .. انها بيلوسي التي وصفها ترمب بالمجنونة والتي لاتفوت أية هفوة من هفواته وطالبت بالكشف عن حالته الصحية واعتزمت تقديم مشروع قانون للتحقيق بقدرته على قيادة البلاد، وبالمقابل كان ترمب يتبادل معها الشتائم دون أي إعتبار وموقفه برفض الاعتراف بالنتيجة كان جنونيا ايضا وخارج التقاليد الانتخابية الامريكية . كلنا نتذكر مشهد وقوفها كرئيسة لمجلس النواب خلف ترمب وهي تصفق له ببرود قبل ان يتجاهلها ويلقي خطاب الاتحاد وكيف انتقمت لنفسها بتمزيق اوراق خطابه أمام عدسات الكاميرات والعالم أجمع وكيف سارعت واعلنت في وقت مبكر فوز بايدن وقبل ان يعلن المرشح الديمقراطي فوزه بنفسه وهي أول من اطلق على بايدن صفة الرئيس المنتخب نكايةً بترمب، ولو كانت نانسي بيلوسي تجيد اطلاق الهلاهل او الزغاريد لهلهلت وزغردت من شدة فرحتها وشماتتها بهزيمة ترمب في يوم الأيام بالنسبة لها فقد طغت سعادتها على افراح جمهور الديمقراطيين عند اعلان كبريات وسائل الاعلام الامريكية فوز بايدن ،وقالت بنشوة المنتصر إنه يوم جديد للأمل وان ترمب يجب عليه أن يقبل نتائج الانتخابات “كرجل” بدلا من محاولة بث الشكوك حول النتائج…وخارج هذه التقاليد ايضا بقي ترمب يغرد وحيدا فريدا ويشكك بالانتخابات التي أوصلته الى البيت الابيض قبل اربعة اعوام ويرفض الاعتراف بنتيجتها رغم تسابق زعماء العالم على تجاوز عهده وطي صفحته وتهنئة الرئيس الجديد المنتخب جو بايدن.وبحماستها لبايدن ضربت (ابله نانسي) العصفورين الجمهوري والديمقراطي بهلهولة واحدة لتحرق قلب ترمب ولتضمن قلب بايدن وتحتفظ برئاسة مجلس النواب مجددا في عهده ولذلك بالغت بالشماتة ولم تتصرف “كإمرأة ” رغم انها طالبت ترمب ان يتصرف ” كرجل” وشمتت به مثلما شمت به اعداءه في داخل امريكا ورقصوا حتى مطلع الفجر وشمت به في السر والعلن كل خصومه والمتضررون من سياساته من بغداد الى الصينِ ، فيما أخفت روسيا وايران ودول الخليج ردود افعالها لإعتبارات الربح والخسارة ، رغم ان كل هذه الدول إدعت ظاهريا عدم اهتمامها بمن سيكون الفائز في الانتخابات الامريكية وعدم تمييزهم بين ترمب وبايدن ، لكن الحقيقة ان العالم من دون ترمب سيكون بلاشك مختلفا بشكل او بآخر ليس بسبب وجود بايدن في البيت الابيض لكن لخروج ترمب منه بهذه الصورة المفاجئة والمثيرة وللارتدادات الزلزالية المتوقعة ولأنه سقط في منتصف طريقه داخليا وخارجيا وشرقاوسطياً وقبل ان يكمل قصته مع التنين الصيني والنووي الايراني وقطار التطبيع الذي مر بالسمران والسودان وبقايا فصول قصصه التي تركت نهاياتها سائبة.ولاغرابة في هذا المشهد الدراماتيكي الأكثر إثارة فنحن في العام ٢٠٢٠ الخارج عن كل المقاييس والمختلف عن كل الأعوام ، عام جائحة كورونا التي إستخف بها ترمب وتجاهلها كما تجاهل بيلوسي فكانت كورونا سلاحا فعالاً بيد خصمه جو بايدن وكانت بيلوسي ايضا خصما عنيدا لرئيس اكثر عنادا لايبالي بأحد ويخاصم حتى وسائل الإعلام فسارعت هي الأخرى بإعلان خسارته قبل أوان الإعلان الرسمي ، وللمرة الأولى نسمع برئيس امريكي يرفض تسليم السلطة والاعتراف بالخسارة ويتحدث عن تزوير للانتخابات وتحريض للمؤيدين ولعب بالصناديق وحرق للاوراق وتصويت للموتى وعن مسلحين في شوارع الولايات الامريكية وانقسام شعبي حاد واحتقان وطني بالالوان الحمر والزرق والسود وإعلام ترويجي وتسقيطي وشماتة ديمقراطية..كما في ولايتنا الديمقراطية المتأرجحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى