يمضغون المستقبل دما !
مازن صاحب
في مقاربة الاستشراق مع الأصولية في منطق التفكير تبرز المقاربات بين تجارب الشعوب ودرجة تأثير احدها بالأخر، لذلك يتوقف المثقف عند قراءات لكتب تهتم بالمستقبل، ومنها كتاب ” عالم التفاهة ” للكاتب الكندي الان دونو الذي يثير جدلية الفكرة والادلجة والتقانة . هناك الكثير ممن يطرحون الأفكار قديمة مجددة لكن القليل منها يتحول الى ايديولوجيات حزبية تسعى للفوز بالسلطة من اجل تحقيقها عبر وسائل متعددة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى نهاية القرن العشرين وربما نحتاج الى ظهور اكثر من عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد، او كتابات الدكتور علي الوردي عن الشخصية العراقية .لكن مع تطور تقانة التأثيرعلى العقول في وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا في تداخل مصالح البورصات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ودوران كتلة نقدية بتريليونات الدولارات يوميا ، هنا يظهر مصطلح التفاهة ما بين أنماط الصراع الفكري القديم بين أفكار تحولت الى أيدولوجيات يراد لها البقاء في دائرة التنازع وهدر الموارد البشرية والمادية من اجل استمرار دوران عجلة الاقتصاد الدولي القائمة على المال والطاقة والسلاح ، هكذا يتكرر مشهد التفاهة بعناوين مقدسة لأفعال مدنسة ، على سيل المثال لا الحصر في عراق اليوم ، ما زال الكثير كتاب ومثقفي التيارات التي جاءت على ظهر دبابة الاحتلال الأمريكي تعلق أخطاء ما بعد 2003 حتى اليوم على شماعة ثقافة النظام البائد او وجود قوات الاحتلال او عصابات داعش .. الخ ، فلا كهرباء ولا صحة ولا حياة حرة كريمة للعراقيين ما دامت كل هذه القوى تمانع وتعارض منهج فكر المقاومة بعناوين مقدسة لتحرير فلسطين، وهناك جمهورا عراقيا كبيرا يتفق مع هذا التحليل ، وربما اتفق معه أيضا لكن ليس من دون طرح السؤال الازلي عن نتيجة من يمضغون مستقبل اجيالنا دما بسب عدم ادراك ان ما يطرحون من أفكار انتهت صلاحيتها دوليا، وان الغد ليس اكثر من استخدام مريدي هذه الأفكار وقودا في نيران مستعرة لتدوير عجلة الاقتصاد الدولي كما سق وان حصل في حروب عبثية.، اما السؤال الازلي: هل باستطاعة أي جهة في هيكل الدولة المطالبة بالكشف عن الذمة المالية لقيادات هذه الأحزاب المؤدلجة والتي ترفع شعاراتها على رؤوس الجماجم كما فعلت أنظمة عراقية مستبدة سابقة، هل تكشف عن الذمة المالية لقيادتها ما قبل 2003 وما بعدها ؟؟بلغة الأرقام، صرفت الحكومات العراقية في موازنات 2005-2019 حوالي ترليون دولار، فما نتائج استثمار هذا الرقم المخيف في أصول التنمية المستدامة لعراق المستقبل ؟؟أيضا بلغة الأرقام، كم تصرف الأحزاب على مقراتها ووسائل اعلامها وجحوشها الالكترونية التي تتقاتل من اجل لعبة كراسي تحدد من خارج العراق ولمصالح إقليمية ودولية وليست عراقية بالإطلاق ؟؟ فيما تتكاثر بيانات التهدئة لحرمة الدم العراقي !!في استراتيجية هيئة النزاهة لمكافحة الفساد 2021 -2024 تحدد الفساد في عراق اليوم بانه فسادا سياسيا ومجتمعيا ثم فسادا إداريا وماليا، فهل استطاعت هذه الهيئة وهي تمر بالعام الثاني لتطبيق استراتيجيتها طرح هذا السؤال على قيادات الأحزاب المشاركة في الانتخابات قبل ان توافق مفوضية الانتخابات على مشاركتها لتمثيل الشعب على مقاعد البرلمان الحالي ؟؟لذلك يمضغون مستقبل اجيالنا دما، لان الدم العراقي لا حرمة له في استبداد مفاسد المحاصصة وقياداتها التي تتقاتل من اجل كراسي السلطة لا خدمة الشعب، وهذا يتطلب من الأغلبية العراقية الصامتة ان ترحم الأجيال المقبلة وتتحشد لمناصرة هيئة النزاهة وغيرها من الأجهزة الرقابية لطرح هذا السؤال على كل القيادات الحزبية بشتى ميولها واتجاهاتها: من اين لك هذا ما قبل 2003 واليوم ؟؟والا ستكون نظرية ” عالم التفاهة ” مجرد تطبيق واقعي على العراق كما هو الحال على غيره مثل رواندا التي غادرته بمغادرة الأفكار المؤدلجة التي لا تصلح لحكم دولة … وما يحصل اليوم في أوكرانيا وما حصل وسيحصل في ليبيا وأفغانستان ، ما دامت قيادات الأفكار المؤدلجة تتعامل مع أجهزة( الايفون) من الطراز الأخير وتستخدم الانترنيت الدولي بإدارة البنتاغون ، وتركب سيارات الدفع الرباعي أمريكية او يابانية ، فيما يمتحن الأطفال على الأرض في واحدة من ابشع الصور انتشارا على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدار من قبل غرف سوداء ليس لأولئك المؤدلجين غير أصابع تتلاعب بهم لتوظيف ” التفاهة ” في شعارات براقة مقدسة ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!