و أما بعد
سالم الشيخ زاجي
إعادة الحسابات عند الخسارة أو الخطأ أمر ليس معيبا، ولا يشير إلى الضعف، وإن دل على شيء فإنه يدل على الوجود كما قال ديكارت: “أنا أفكر إذا أنا موجود”.
فجميعنا غير معصومين، لكن المصيبة تكمن في الاصرار على الخطأ بعقل جاهلي، ذلك العقل المنتفخ غباء وغرورا. حينما حل كورونا ضيفا ثقيلا غير مرغوب به على العراق؛ كشف لنا الكثير من العورات، وأسقط الأقنعة، وهز العروش، واختبأ منه المستعرضون لقواهم والمستصغرون للناس.
جميع الطبقات من دون تمييز أخافها ذلك الضيف الذي لا يشاهد بالعين المجردة، ومهما طال بقاؤه سيرحل، ولكن السؤال: “وأما بعد”، ماذا بعد كورونا؟ وما هي الدروس التي تركها لنا؟ كشف ضيفنا سيئ الصيت أن الملف الصحي في العراق متهرئ، يمتلك العدد ولكنه يفتقر لعدة الدفاع عن نفسه ضد أبسط معركة، لا يمتلك ثكنات طبية كافية ولا موزعة بشكل صحيح، وليس له خطط بديلة، فعلى الدولة إعادة حساباتها بالخدمات الصحية بشكل عام، كما نحتاج إلى نشر خطوط دفاعية في المطارات والمنافذ بشكل مستمر؛ لحماية بلدنا من الأمراض الانتقالية، كما اتضح عدم قدرة الصحة على وضع معالجات سريعة لاحتواء الأزمة، وتحضير الأماكن للحجر الصحي إلا بعد تفاقم الوضع.
كورونا سلط الضوء أيضا على عدة زوايا مظلمة، منها القطاعان الزراعي والصناعي، فلا بد من الاهتمام بشكل جاد بهما، فهل يعقل أن العراق يفتقر لصناعة أبسط المعدات والأدوات، وها هو يستورد الكمامة والقفازات وكل شيء، حتى البصل، هل يعقل أن يبقى أكثر من ٣٥ مليون نسمة في خانة المستهلك الكسول؟! كما لاحظنا منذ بداية أزمة (كوفيد – 19) تخبطا في القرارات الحكومية، وعدم وضوح الرؤية العلاجية للمستقبل القريب؛ بسبب تداخل الصلاحيات وتعدد مصادر القرار، فضلا عن ضعف العمل بروح الفريق الحكومي الواحد، مما انعكس سلبا على عدة محاور، أبرزها أصحاب الدخل اليومي والمحدود، لذا على الحكومة اعتماد قاعدة بيانات للطبقة البسيطة؛ من أجل معالجتها، ووضع آلية معينة لتوفير العيش الكريم لهم.
في الضفة الأخرى لفيروس كورونا ظهرت بعض الإيجابيات، وأبرزها روح التعاون والتكافل الاجتماعي، ومساعدة البعض للبعض الآخر، وهي صور ليست بجديدة على المواطن العراقي الذي كان يعمل بصمت وخفاء وبساطة، عكس بعض السياسيين أصحاب “صورني وآني ما أدري”، حينما حملت بعض مساعداتهم صفعة لكبرياء الفقير.