وكيل وزير للمقابر
د. فاتح عبدالسلام
كلما جرى التبليغ عن مقبرة جماعية من زمن احتلال تنظيم داعش لمدن وبلدات وقرى كثيرة في العراق أو من زمن ما بعد تحريرها من قبضة التنظيم، تنفتح جروح كبيرة في نفوس العراقيين المحبطة.
قبل يومين اكتشفت العشائر في الاسحاقي شمالي بغداد مقبرة جماعية لعشرات من أبنائهم الذين اعتقلوا واختفوا في أعقاب طرد داعش لاسيما منذ العام ٢٠١٧. ويقولون انَّ هناك مقابر أخرى.
وبات أصحاب القلوب المكلومة من أهالي الضحايا يسعون الى مجرد معلومات تفيد بمقتل أبنائهم، ولم تعد احتمالات وجودهم على قيد الحياة في بال أحد. ما أقسى هذه الامنيات المكلّلة بالدماء، والتي لم تعد سهلة المنال أيضاً.فتح المقابر ليس عملاً اعتباطياً وعشوائياً، إنّما يحتاج الى لجان متخصصة من وزارات العدل والصحة والداخلية والمحافظات المعنية، وهذا أمر يجري حالياً، لكنه ليس قائماً على جهد مؤسسي ثابت وله وضع اعتباري واضح في الدولة العراقية، كما كان قد استحدثوا مؤسسات للسجناء السياسيين والشهداء وسواها .في العراق، كثير من المقابر الجماعية ما بعد سقوط النظام السابق ، غير مكتشف حتى الآن. وفي جنوبي الموصل توجد مقبرة جماعية تسمى السفة كان تنظيم داعش يعدم العراقيين من المقاومين له ويرمي بجثثهم في ذلك التجويف الكبير من الارض الذي بات مرتعاً للجوارح والكواسر ، وقد مضى على ما جرى سنوات عدة.
من هي الجهة المخولة بفتح تلك المقبرة والتأكد من الحمض النووي للضحايا، لاسيما ان المقبرة معروفة المكان وحاضرة مآسيها في أذهان أهالي نينوى حتى الآن .ألا تستأهل تلك المقابر مرسوماً جمهورياً أو ديوانياً أو قراراً وزارياً أو أي بيان من أية جهة معنية بمسؤولية على هذا الكوكب النائي عن مجاميع دول العالم المعنية بصحة القطط والقرود والابقار النفسية، والذي اسمه العراق.
لقد أنشأتم من المناصب الملحقة بالرئاسات أو بالوزراء، المَثنى والثُلاث والرُباع مما طاب لكم، ألا توجد فرصة ليكون هناك وكيل وزير لشؤون المقابر في العدل أو الداخلية أو سواهما، أو ربّما تستحق عن جدارة وزارةً كاملة تناسب كبر فجيعة العراق المستمرة، التي لا تحدّها وزارة ولا تقيسها حكومة.