وساطة عراقية لمصلحة مَن أولاً؟
د. فاتح عبدالسلام
هل يصلح العراق وسيطاً بين الولايات المتحدة وايران؟ هذا السؤال يثار في هذه الايام في الوقت الذي يبدو ان العراق منخرط في وساطة من نوع ما، لابد من انجازها لأن هناك مصالح عراقية ذاتية من الممكن ان تجنى من استقرار الوضع وتهدئة الازمة بين الايرانيين والامريكان . لكن الملف النووي الايراني الذي ترتبط به معظم خيوط الازمة، له أطراف اخرى ذات صلة منها اسرائيل وبعض دول الخليج ، وبالرغم من ذلك من الممكن أن يلعب سياسيون عراقيون أدواراً ايجابية في التهدئة، لأنّ فيهم الاكثر دراية بين العرب بالشأن الايراني ولهم علاقات وثيقة مع اصحاب القرار في طهران كما انّ اتقانهم اللغة الفارسية سيساعد نفسياً في تجاوز بعض الحواجز.ما العوامل التي تجعل العراق وسيطاً ناجحاً؟ ثمة ميزات كثيرة اهمها الموقع الجغرافي والاهمية النفطية والاقتصادية فضلاً عن الموقع الامني المؤثر، بالرغم من انّ هناك مَن يقول أنَّ هناك ميزة خفية هي وجود استعداد نفسي شعبي وغير رسمي ينمو بسرعة وغير ظاهر غالباً للاصطفاف مع الولايات المتحدة ضد ايران اذا وقعت مواجهة كبيرة، وهذه الميزة الكامنة سببها تراكمات فشل الاحزاب والقوى الموالية لايران أو التي تستغل اسم ايران في العراق، فضلاً عن تأثير سلبي أضفته العمائم السياسية المتكاثرة على الوضع الداخلي في البلد، ولا أظن ان ايران تريد أن تنقلب المعايير على نحو سيء بفعل تداعيات الازمة مع الامريكان.إنّ العراقيين يستطيعون اظهار عنصر قوة في اية وساطة يقومون بها من خلال الاصرار على العامل الوطني والمصالح العراقية في جميع النواحي والتي يجب أن لا تكون مادة استهلاكية في نزاع بارد أو مواجهة حربية بين الغريمين ايران وامريكا، وهذا يتطلب الاصرار على بث هذه الرسالة للجانبين على حد سواء. من هنا يستطيع العراق البلد المنهك لأسباب كثيرة، أن يكون بوابة سلام ناجحة، تعود بالثمار الاقتصادية عليه، وأن يكون الايرانيون والامريكان مجبرين على احترام استحقاقات العراق في وضعه الاجباري على خط التماس الافتراضي أو ربّما الفعلي. في الوقت ذاته يجب ان لا يقتصر دور العراق على نقل رسائل ليس له رؤية في مضامينها، ذلك للعراق رأياً حتمياً في الوضع الاقليمي يجب أن يضعه المتخاصمان في نظر الاعتبار.