وزير الخارجية الأوكراني: روسيا تبتز العالم بمطالبتها برفع العقوبات مقابل السماح بمرور صادرات أوكرانيا الغذائية
كشفت معلومات استخباراتية أميركية، أن الحصار البحري الروسي قد أوقف التجارة البحرية في الموانئ الأوكرانية، الأمر الذي يصفه قادة العالم بـ”الهجوم المتعمد على سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية”، في وقت اشترطت موسكو رفع العقوبات عنها لتجنب أزمة غذائية عالمية.
وتسيطر البحرية الروسية على حركة المرور في الثلث الشمالي من البحر الأسود بشكل كامل، ما يجعل المنطقة غير آمنة للنقل التجاري، حسب وثيقة حكومية أميركية حصلت عليها “واشنطن بوست”.
الوثيقة تستند إلى معلومات استخبارية رفع عنها السرية مؤخرا، وتحلل كثافة النشاط البحري الروسي على طول أجزاء من الساحل الجنوبي لأوكرانيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا إلى أراضيها عام 2014.
من جهتها، قالت موسكو، الأربعاء، إنها مستعدة لتوفير ممر إنساني للسفن التي تحمل أغذية لمغادرة أوكرانيا، بحسب ما نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو.
وطالب رودينكو برفع العقوبات عن بلاده كشرط لتجنب أزمة غذائية عالمية بفعل توقف صادرات الحبوب الأوكرانية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وزعم رودينكو أن “حل المشكلة الغذائية يمر عبر مقاربة جماعية تشمل خصوصا رفع العقوبات التي فرضت على الصادرات الروسية والتعاملات المالية”.
وأوقف الحصار الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، حركة المرور البحري المدني، ما تسبب بخنق الصادرات الزراعية الأوكرانية وأدى إلى تعريض الإمدادات الغذائية العالمية للخطر”، وفقا لمسؤول أميركي.
وقال المسؤول في تصريحات لـ”واشنطن بوست”، “لا يمكن التقليل من تأثير تصرفات روسيا لأن الصادرات البحرية الأوكرانية ضرورية للأمن الغذائي العالمي”.
وتوفر أوكرانيا حوالي 10 في المائة من صادرات القمح العالمية، ويتم تصدير حوالي 95 في المائة من تلك الصادرات عبر موانئ البحر الأسود، وفقا لإحصاءات عام 2020.
تعد أوكرانيا سلة غذاء عالمية، فهي أكبر مصدر لزيت عباد الشمس، ورابع أكبر مصدر للذرة، وخامس أكبر مصدر للقمح في العالم.
في الأيام الأخيرة ، حذر قادة العالم من أن الحصار الروسي يشكل أحد أكثر التهديدات خطورة على الاستقرار العالمي منذ بدء الحرب.
دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الثلاثاء، إلى إجراء محادثات مع موسكو بخصوص فتح صادرات القمح العالقة في أوكرانيا بسبب الحصار البحري الروسي.
وخلال كلمة في المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس، بسويسرا، قالت “روسيا تستخدم الإمدادات الغذائية كسلاح له تداعيات عالمية وتتصرف بنفس الطريقة التي تعمل بها في قطاع الطاقة”.
وأضافت “في أوكرانيا التي تحتلها روسيا، يصادر جيش الكرملين مخزونات الحبوب والآلات، وفي البحر الأسود، تحاصر السفن الحربية الروسية السفن الأوكرانية المحملة بالقمح وبذور دوار الشمس”.
واتهم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، روسيا باستخدام الغذاء كسلاح من خلال احتجاز الإمدادات “رهينة” ليس فقط للأوكرانيين لكن للملايين في أنحاء العالم أيضا.
وقال مسؤول من وكالة أغذية تابعة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، إن نحو 25 طنا من الحبوب عالقة في أوكرانيا بسبب تحديات تتعلق بالبنية الأساسية وإغلاق الموانئ البحرية.
وعلى مدى أسابيع ، دعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، القوى الغربية إلى كسر الحصار الروسي المفروض على بلاده.
وفي تصريحاته لمنتدى دافوس، قال إن القوات الروسية تمنع أوكرانيا من تصدير 22 مليون طن من الحبوب وعباد الشمس وغيرها من الأطعمة التي كانت “متعفنة” في أوكرانيا.
وتابع قائلا: “إذا لم نصدر الحبوب في الأشهر المقبلة ، إذا لم تكن هناك اتفاقيات سياسية مع روسيا من خلال وسطاء، ستكون هناك مجاعة ، ستكون هناك كارثة ، سيكون هناك عجز ، سيكون هناك سعر مرتفع”.
لكن القوى الغربية لديها خيارات قليلة لإنهاء الحصار الروسي، وفقاً لـ”واشنطن بوست”.
وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال مارك ميلي، الاثنين، إن الولايات المتحدة ليس لديها سفن في البحر الأسود.
وأضاف ميلي: “في الوقت الحالي ، هناك نوع من الجمود في منطقة البحر الأسود، والمنطقة أصبحت “منطقة محظورة على الشحن التجاري”.
وفي تصريحات الأسبوع الماضي، قال سفير الولايات المتحدة لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مايكل كاربنتر، “حتى قبل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا ، كان من المتوقع أن يكون عام 2022 هو أكثر الأعوام التي تشهد انعدامًا للأمن الغذائي على مستوى العالم، ما يجعل الإمداد من أوكرانيا أكثر أهمية”.
واعتبر أن الغزو الروسي تسبب في نقص الغذاء العالمي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة ملايين الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
واستشهد بتقارير الحكومة الأوكرانية التي تقول إن “القوات الروسية سرقت 400 ألف طن من القمح الأوكراني، بالإضافة إلى معدات زراعية تم شحنها إلى الأراضي الروسية”.
يبدو أن صور الأقمار الصناعية التجارية تؤكد بعض مزاعم كاربنتر والحكومة الأوكرانية، فقد أظهرت صور نشرتها شركة Maxar Technologies ، سفن روسية تحمل الحبوب في ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا.
ونفى مسؤولون روس أنهم يحاولون قطع الصادرات الأوكرانية وألقوا باللوم على العقوبات الغربية في تعطيل الإمدادات الغذائية العالمية.
وقال الكرملين ، الاثنين، إن الغرب تسبب في أزمة غذاء عالمية بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأضاف الكرملين أن أوكرانيا جعلت الشحن البحري التجاري “مستحيلا بزرع الألغام في المياه”.
لكن معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث غير حزبي في واشنطن، قد اتهم روسيا، الأسبوع الماضي، بانتهاك اتفاق دولي يسمح لتركيا بتنظيم عبور السفن الحربية في أوقات الحرب عبر المضيق التركي ، الذي يربط بين البحر الأسود وبحر إيجة.
كما اتهم التقرير روسيا بسرقة الحبوب الأوكرانية، واستخدام الأرباح لتمويل حربها.
وفقدت أوكرانيا معظم موانيها الكبيرة ومنها خيرسون وماريوبول لروسيا وتخشى أن تحاول موسكو كذلك احتلال أوديسا.