وزير الثقافة يشارك في اجتماع الأخوة الإنسانية لبحث آثار زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق
شارك وزير الثقافة والسياحة والآثار د. حسن ناظم، اليوم الخميس 3 / 6 / 2021، في اجتماع افتراضي للجنة العليا للأخوة الإنسانية لبحث الآثار الناتجة عن زيارة البابا فرانسيس التاريخية إلى العراق.
وشهد الاجتماع حضور شخصيات دينية دولية وعربية على رأسها الأمين العام للجنة المستشار محمد عبد السلام، ووزيرة الثقافة الإماراتية السيدة نورة الكعبي، ومن العراق وزير الثقافة د. حسن ناظم، وبطريرك الكلدان الكاردينال لويس ساكو، والأمين العام لمعهد الخوئي الباحث د. جواد الخوئي، وعضو المجمع الفقهي العراقي الشيخ د. عبد الوهاب السامرائي.
واتفق المجتمعون على ثلاث عبارات بوصفها أهدافاً أو وصايا من جملة ما قاله بابا الفاتيكان في زيارته إلى العراق، وهي “فلتصمت الأسلحة” و”كفى عنفاً” و”معاً لنبني العراق”.
وتقدم ناظم في كلمته بالشكر للجنة لإتاحة هذه في مراجعة ومناقشة زيارة البابا التاريخية إلى العراق، مبيناً أن “لها معانٍ كثيرة”.
وقال “في كل محطة توقف فيها الحبر الأعظم كان هناك معنى خاص، وفي النجف كانت هناك رسالة خاصة، وأعدها وثيقة خاصة للأخوة الإنسانية بين المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني والحبر الأعظم بابا الفاتيكان فرانسيس مثل التي وقعت في أبو ظبي قبل سنتين”، مضيفاً أن “الصورة التي أمسكا فيها بيدي بعضهما كان لها أثر كبير في نفوس العراقيين”.
وأشار وزير الثقافة إلى أن “إعمار الجامع النوري والمنارة الحدباء والكنيستين ليس مشروع إعمار حجر بقدر ما هو إعمار إنسان، وحتى في التصميم الأخير الفائز في المسابقة التي أقيمت مؤخراً كان هناك نوعاً من التفكير بالتصميم بالربط بين الكنيستين والمسجد”.
ولفت ناظم إلى أن الرسائل السياسية للبابا حملت أفعال أمر حين قال “فلتصمت الأسلحة”، مؤكداً “نحن في الحكومة العراقية نعمل على استدامة زخم هذه الزيارة وقد شُكلت لجنة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لبلورة مقترحات بما يتعلق في مدينة أور، وهناك جملة من المشاريع شرعنا في وزارة الثقافة بالعمل والتخطيط عليها من الآن”.
وأضاف “آمل في الشهور القريبة القادمة أن نشهد زيارات إلى أور، وقد حدثت واحدة بالفعل، ونحن نعمل على إقامة منشآت لتوفير سبل الراحة للزوار، بعد أن عانت هذه المنطقة من الإهمال خلال السنوات السابقة”.
وحول التعريف بالديانات وتجديد الخطاب الديني وتشريع قوانين تجرم التطرف، قال ناظم إنه “قد اكتمل كراس التعريف بالديانات وراجعته شخصيا وراجعت ترجمته وسترونه قريباً إن شاء الله، إضافة إلى أن السيد ساكو قد عمل بشكل حثيث مع وزارة التربية للتعريف بالأديان ضمن المناهج الدراسية”، فيما بين أن “هناك الكثير من المصاعب في تشريع القوانين في العراق”.
وتابع قائلاً “أسسنا في وزارة الثقافة قسماً للتنوع الثقافي، يشمل التنوعات الدينية والمذهبية والإثنية، ويمكننا العمل على تجريم خطابات الكراهية بوجود مؤسسات كالمجمع الفقهي ودار العلم للخوئي بجبهة لاقتراح القوانين وتبادل الأفكار والرؤى، وهناك أيضا مؤسسة مسارات التي يديرها الباحث والأكاديمي د. سعد سلوم”.
فيما أكد الكاردينال ساكو أن “زيارة البابا جاءت لكل العراقيين، وأن خطاباته وجهت لبلدان المنطقة التي تعيش صراعات وحروباً وتعاني من تيارات متطرفة فضلاً عن أزمة فايروس كورونا، وكان يحمل رسالة واحدة أننا كلنا أخوة وعلينا التضامن لبناء مجتمع أفضل وأن تصمت أصوات الأسلحة، وأن لا يقتل أحد احداً باسم الله، لنسير على طريق الأمان والاستقرار والحرية والكرامة”.
وقدم ثلاثة مقترحات عملية على اللجنة لترجمة رسائل البابا المنسجمة مع وثيقة الأخوة البشرية الموقعة في ابو ظبي مع إمام الجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب، وتتسق مع قول المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني “نحن جزء منكم وانتم جزء منا”
وكان المقترح الأول حول دور رجال الدين وجاء فيه “ضرورة تجديد الخطاب الديني لملائمة وضع منطقتنا والمساهمة في إشاعة الاحترام المتبادل والاستقرار والسلام”.
والمقترح الثاني حول دور التربية وجاء فيه “ثمة حاجة ملحة لوضع منهج موحد للتعريف بالإسلام والمسيحية وباقي الأديان في العراق ويؤسس على تعليم أصول الديانات والقواسم المشتركة الروحية والاخلاقية”، مشيراً إلى أن “التربية قادرة على احتضان التنوع والتعددية”.
أما المقترح الثالث والأخير فكان حول دور السياسيين وجاء فيه “حان الوقت للسياسيين أن يطوروا فكرهم ورؤاهم وانتمائهم لشعبهم وبلدهم ويخدموا الشعب بمعزل عن خدمة أحزابهم”، معرباً عن أمنيته في أن يتم تمييز “الدين عن السياسة، وأن تكون هناك دولة مدنية لا تهمش الديانات المختلفة، وهذا ما كرره السيد السيستاني عدة مرات في خطاباته”.
وختم حديثه بالتأكيد على “الحاجة لقوانين ملائمة لعصرنا الحالي ومتطلباته سيما قوانين الأحوال الشخصية، والاقتداء بالتجربة الإماراتية في هذا الجانب”.
وقال جواد الخوئي إن “زيارة البابا وحدت كل العراقيين، كما عززت روح السلام والقيم الإنسانية، وإشاعة المحبة والتآلف بين أبناء البلد الواحد، ووضعته في صدارة الاهتمام الدولي”.
وأضاف أن “قادة الأديان حين اجتمعوا في أور، اتفقوا على أن الإنسان مقدس ومكرم باختلاف دينه ومذهبه، واتفقوا على محاربة الفساد والظلم، وتعزيز المواطنة والعدالة الاجتماعية”، مبينناً أن “المرجعية الدينية والحوزة العلمية كانت وما زالت مع الحوار الجاد والصادق الهادف للعيش الكريم وتقوية الدولة ومؤسساتها”.
من جانبه قال عبد الوهاب الطه السامرائي، إن “الله كرّم بني الإنسان عامة، وأن ذكر السلام في القرآن تكرر 140 مرة”، لافتاً إلى أهمية زيارة إمام الجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب إلى العراق.
وقدم السامرائي عدداً من المقترحات تمثلت بـ”تشكيل بيت الأسرة على غرار البيت المصري، والحاجة لتشريع في التعايش السلمي، ووثيقة مشتركة لكل القيادات الدينية في العراق لتجريم وتحريم وقوع السلاح خارج سياق الدولة”.
كما دعا الحكومة “لتجريم الخطاب المتشنج”، مؤكداً طموح الوصول إلى الدولة المدنية الذي أشار له ساكو ودعم أواصر الدولة.
وبينت وزيرة الثقافة الإماراتية نورا الكعبي أن “العلاقة بين العراق والإمارات العربية المتحدة هي علاقة تاريخية، ونشعر أننا نواجه التحديات نفسها، ونعمل بقرب من الوزير حسن ناظم”، معربة عن سعادتها “بتحول مشروح إحياء روح الموصل إلى حقيقة لما للموصل من تاريخ طويل في العلاقة بين الأديان”.
وخُتم الاجتماع بكلمة المستشار محمد عبد السلام، قائلاً “نحن في اللجنة العليا سنولي أهمية كبرى للمقترحات المطروحة اليوم، ونحن مهتمون بشدة في العراق ونحاول دائما أن نقدم شيئاً للعراق”.
وأشار في ختام كلمته إلى أنه “قريباً سنجتمع بدعوة من وزيرة الثقافة الاماراتية نورا الكعبي في أبو ظبي وجهاً لوجه”.