وزراء الاعلام.. الإرهاب والكباب
د فاتح عبدالسلام
وزراء الاعلام.. الإرهاب والكباب
موضوع الاعلام والإرهاب، اشتغل عليه تنظيما داعش والقاعدة أكثر مما اشتغلت عليه الأجهزة الإعلامية لحكومات ووزارات عربية يفترض انها المعني الأول بهذا الملف. في الكويت قبل يومين اجتمع المكتب التنفيذي لوزراء الاعلام العرب، وكان من ضمن برامجه مناقشة ما جرى تسميته بالاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب، وتبين انها مداخل بحثية أعدتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بتكليف من قبل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في عام 2015وفي معاينة بسيطة نجد انَّ ذلك التكليف جاء بعد ما يقرب من سنتين من الصعود المفاجئ المذهل لتنظيم داعش، حين بدأ بالسيطرة التنفيذية على مناطق عدة في سوريا والعراق، وصولاً الى الاحتلال الأكبر الذي نفذه التنظيم لثلث أراضي العراق مع حزيران 2014 حين سقطت بيده مدينة الموصل احدى كبرى المدن العربية بعد العواصم، حيث تعدادها يزيد على أربعة ملايين نسمة. في تلك السنة وما بعدها، أي طوال فترة احتلال تنظيم داعش لمدن عراقية وسورية مهمة لم تكن هناك آثار ملحوظة لعمل اعلامي عربي منسق يواجه ذلك التضليل الذي افرزه التنظيم في بيئات عربية هشة اتعبتها الحروب.حتى بعد تلك الفترة العصيبة التي أحددها بنهاية العام 2017 حين جرى طرد تنظيم داعش من الموصل وتكريت والانبار، فإنّ المهمة الإعلامية كانت جسيمة في حشد الطاقات لغسل آثار التنظيم الثقيلة في المجتمع، وان المسؤولية كانت واقعة على عاتق اجتهادات وتصرفات عفوية وعاجلة من حكومات محلية متعثرة وجمعيات مجتمع مدني ذات امكانات محدودة.
دول عربية كان لها خلافات سياسية وعقائدية مع الحكمين في العراق وسوريا ، اشتغلت من حيث تدري او لا تدري في مسار اعلام الإرهاب ذاته. لاتزال الاحداث طرية في الذاكرة، والارشيف في متناول اليد.
المسألة ليست محصورة في أهمية حصول الاعلام الحكومي على معلومات من أجهزة مكافحة الإرهاب ، ذلك ان الاحداث المتصلة بالإرهاب يغطيها الاعلام الخاص والاعلام المتداخل مع دول الجوار بسرعة تتفوق على اعلام الوزارات، ولكن الخطورة في عجز الاعلام الرسمي، وهو المالك لمديريات عامة ومؤسسات للاعلام والدعاية الخارجية في الوصول الى البيئات الأوربية التي كانت مصدراً لتوريد شباب التحقوا بالقتال وتناسلوا عبر اكثر من خمس سنوات وتركوا وراءهم أطفالاً من دون آباء في الاغلب، وان الامهات الباقيات في مخيم الهول الكبير في سوريا او سواه لم يخضعن لبرامج تأهيل الا على نحو مبتسر وعند ترحيل بعض النساء الى أماكن أخرى كما حدث مع ارسال بعضهن الى الموصل في الشهور الماضية . ان الاعلام العربي لم يقم بفعاليات خارجية تضغط على الدول لكي تسحب رعاياها من مخيم الهول الذي بات مولداً تفريخياً للفكر المنحرف لاسيما تحت ظروف سيئة يعاني منها النساء والأطفال.
انَّ أي استراتيجية للإعلام المتعاطي مع معضلة الإرهاب تبقى ناقصة وغير مؤهلة من دون أن تتلاقح مع التجارب الميدانية، ولابد الا تكتفي بما يكتبه باحثون نظريون في جامعة، ليس لهم من التجربة في أحسن الأحوال أكثر مما يشاهدونه على بعض الفضائيات. هناك تفاصيل في مجال صعود نجم الإرهاب تشبه احدث فيلم الإرهاب والكباب لعادل امام، ذلك ان المجتمعات العربية الهشة انساقت احياناً نحو خيارات سيئة في غياب عناية الحكومات او اعلامها.