“وباء الربيع العربي انتشر قبل “كورونا”
وباء الربيع العربي انتشر قبل “كورونا” فكشف عن هشاشة عالم لا بد أن يتغير
الكاتب : احمد الفيتوري
الرُبع الأول من الألفية الثالثة، محفوف بنجاح مُضطرد، في الفشل، في هذه الأيام نجح ترمب، في عقد اتفاق مع طالبان، هو كما تتويج للفشل، ما واكب مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان، حيث ختامها، اتفاق مع منظمة إرهابية، بحسب ما رأت أميركا، طوال عقدين من زمن الحرب. القوى العظمى في العالم، الساعة تعد هكذا اتفاقاً نجاحاً، وتأمل في أن تفي طالبان بوعودها، في ما وقعت عليها.
تتويج مهمة محاربة الإرهاب، جاء كنتيجة لفشل، محفوف بكارثة، تُؤطر المرحلة، وهي الفشل، في إيقاف انتشار الاحتباس الحراري، ووباء كورونا، ما يمثل الإطار الخارجي للكارثة، ما تعيشها البشرية منذ انبلاج الألفية الثالثة، فمنذ سبتمبر (أيلول) 2001 وحتى الساعة، الناتج الذي يحصد الفشل، ما ختامه مسك: توقيع الرئيس ترمب، قائد العالم الحر، غير المسمى، هكذا اتفاقاً.
لكن الألفية، التي فاتحتها “غزوة نيويورك”، تواكب فشلها، فالحرب التي أعلنت على العراق، للثأر من صدام حسين، كرد على أسامة بن لادن، بدأت ولم تنته، كما التدخل في أفغانستان، أطول حروب الولايات المتحدة، وما يجري في العراق اليوم، استطراد ونتيجة لحرب أعلنتها أميركا ولم تتمكن من إنهائها، ومن هذا فالنصر، ما أعلنه “بوش الابن” في العراق، حقيقته نجاح للفشل، ما يرى الساعة على أرض العراق، المستباحة من دولة الملالي، ما يهيمن على العراق، رجالها المدعومون من أميركا، وهم لصوص العراق، الذين خرج في وجههم، أعداد كبرى من أهل العراق المستباح.
لقد أعلنت الولايات المتحدة، بمباركة الأمم المتحدة، عن قيادة تحالف دولي، ضد الإرهاب الدولي، خاتمته اتفاق مع طالبان، بعيد نقض الاتفاق مع الملالي، ما لم تستطع وكذلك لا تريد، الولايات المتحدة كف إرهابهم، على الرغم من أنها معلنة حرباً عليهم، منذ القرن الماضي، وحتى مؤخراً، اغتيال قائد هام في دولتهم “إيران”، وبهذا أيضاً تنجح، زعيمة العالم الحر، في الفشل، وتبدو أميركا، وحلفاؤها، مسرورين ومغتبطين، بهكذا نجاح فاشل!
وللحقيقة وجه أخر، أن طالبان وما شابه، تعتبر: أن النجاح الفاشل للولايات المتحدة، نجاح لها، فعدم انتصار طالبان، لا يعني خسارة، لأن العدو لم ينتصر أيضاً، وكأن هذا النجاح الفاشل، مكسب للطرفين. وهذا يذكرنا، بالحادث في فنزويلا، حيث لا شيء يحدث، لا أحد يجيء، فالبلاد على حافة الهاوية، لكن نجحت، في أن لا تكون في الهاوية، ولا أحد يدعي، غير أن النظام الحاكم في فنزويلا، حقق النجاح الفاشل!
الربيع العربي!
إذا كان هذا ما حققته، الدولة العظمى ودول أخرى، النجاح الفاشل، خلال الربع الأول من الألفية الثالثة، فإن الربيع العربي، المتغير الجذري للعرب، في عصرهم الحديث، قد حقق أيضاً نجاحه الفاشل، ولكن باقتدار مميز، حتى الموجة الثانية لذا الربيع.
كان نجاح الفشل، في الجزائر، فالعصابة الحاكمة غيرت الأقنعة، فيما يحرص الجزائريون، على صلاة الجمعة، فالخروج للشارع، في ما يسمونه بالحراك، وعدم تلطيخه بمسمى “ثورة”، وبخاصة “ربيع عربي”! وهم يحتفون بهكذا نجاح فاشل. أما لبنان، ما لم تفعل شعوب العالم، ما يفعل شعبه، فلقد عاد الشعب عن غيه، فارتضى الشعب طريقه: نجاح الفشل، ما توَّجه السودان بمصالحة، نتنياهو اليميني الصهيوني المتطرف.
أما الموجة الأولى، فتبدو كما القاعدة، فتونس لم تخرج من عنق الزجاجة، كما هي البدء ما زالت فيه، تونس نجاح الفشل بامتياز، لأنها لم تتراجع كما لم تتقدم، دول أخرى، أصابتها ثورة الربيع العربي، نجحت في خوض الحروب، حيث مزج الإرهاب بالحروب الأهلية والهجرة، كوكتيل الربيع العربي الماسخ، وهل نجاح روسيا، سوى نجاح الأسد في تدمير البلاد، وتهجير سكانه، ما وضع لبنة التدخل التركي؟
فبدا وكأن نجاح الفشل، تراجيديا يونانية، ما يصبغها القدر، توسمها النهايات المفارقة، ففي الموجة الأولى دق إسفين الفشل، ما نجح أصاب العالم، فوباء الربيع العربي، انتشر قبل كورونا، فكشف عن هشاشة عالم، لا بد أن يتغير، عمّ اليمين المتطرف أوروبا، وأميركا اجتاحتها الشعبوية، ودول أخر من توابعها، لقد نجح الفشل في اجتياح العالم.
والآن دول الربيع العربي، كما كل العرب، ودول العالم، تغوص في رمال متحركة، ميسمُها نجاح الفشل، ما تنبأت به الآداب والفنون، في روايات وأفلام المدينة الفاسدة “ديستوبيا”.