“وادي الأفاعي”.. أرض تمثل مهدا للحضارة في العراق وبوابته شرّ لمحافظتين
في ارض واسعة ومترامية تصل إلى أكثر من 100 ألف دونم وعلى مسافة عشرات الكيلومترات من التضاريس المعقدة يمتد وادٍ زراعي مهجور بين ديالى وبغداد من جهة بزايز كنعان كان قبل آلاف السنين مهد حضارة أشنونا العظيمة لكنه تحول منذ سنوات الى بوابة شر تهدد أمن محافظتين في آن واحد.
قال مدير ناحية كنعان (22كم شرق بعقوبة) مهدي عبد الكريم الشمري في حديث تابعته (الاولى نيوز)،ان “المشاكل الامنية في ديالى متعددة لكن بعضها لم يسلط الاضواء عليها ومنها مشكلة الوادي الزراعي المهجور الممتد من جنوب كنعان وصولا الى الحدود الادارية الفاصلة بين ديالى وبغداد والتي تصل مساحته الى اكثر من 100 الف دونم ويمتد لعشرات الكليومترات”، مؤكدا بان “هذه المناطق غير ممسوكة امنيا وتعاني من تكرار الخروقات في ظل نشاط لخلايا داعش”.
وأضاف الشمري ان “الوادي المهجور مصدر تهديد امني لديالى وبغداد في آن واحد منذ اشهر خاصة مع تزايد معدلات الخروقات الامنية ما دفع الاهالي الى الاعتماد على انفسهم في شراء كاميرات حرارية بمبالغ تصل الى ملايين الدنانير لتامين محيط القرى والاراضي الزراعية لتفادي اي خروقات تؤدي الى سقوط ضحايا كما حدث في السنوات الماضية”.
واشار الى ان “الوادي المهجور بحاجة ماسة لقوات اضافية لمسك الارض لتفادي اي خروقات تودي الى مشاكل كبيرة خاصة وان نشاط داعش بان مثير للقلق في الاونة الاخيرة”.
اما حسان كريم وهو مزارع ويسكن في قرية متواضعة جنوب كنعان قال باننا “أمام وادي الافاعي في إشارة منه الى خلايا المتطرفين التي دخلته نهاية 2005 ولم تتركه حتى الان”، موضحاً أن “أفعال تلك الخلايا كانت وراء تدمير وتهجير اكثررمن 30 قرية ما تزال أطلالها قائمة حتى يومنا هذا تحكي قصص بعيدة عن الرأي العام العراقي”.
واضاف كريم وهو مدرس متقاعد أن “أهالي القرى يحملون السلاح في الليل ويعتمدون على انفسهم في حماية القرى من اي طارى”، مؤكدا أن “هذه الاراضي لم تر الخير بسبب الخلايا المتطرفة التي تختفي اشهر ثم تعود بارتكاب مجزرة بحق الابرياء”.
فيما يشير عبود خير الله وهو مدرس تاريخ متقاعد الى المناطق المهجورة بين ديالى وبغداد من جهة البزايز سواء ضمن قاطع بهرز او كنعان كانت مهد حضارة عظيمة تسمى اشنونا قبل 4 الاف سنة ولاتزال التلال الاثرية تظهر جزء من عظمة تلك الحضارة التي ازدهرت في هذه المناطق لقرون”.
واضاف خيرالله ان” المؤلم بان اكثر من 30 قرية مهجورة في هذا الوادي والمناطق الاخرى لم تتدخل الحكومة في اعادة الاسر او على الاقل تعويضها عن خسائرها الفادحة خاصة وان العشرات من ابناء تلك القرى قتلوا وخطفوا بين 2005-2009 “.
اما عضو لجنة الامن والدفاع النيابية النائب عبد الخالق العزاوي فقد اقر بان ديال تعاني من نقص حقيقي في القوات الامنية ولد ما يعرف بالفراغات القاتلة ومنها منطقة البزايز التي تعتبر محيط زراعي ستراتيجي بسبب موقعه وقرب الطريق السياحي منه”.
واضاف العزاوي انه “قدم منذ عامين طلب رسمي بعودة لواء قتالي من الشرطة الاتحادية الى ديالى لسد الفراغات لكن للاسف لم يتم الاستجابة حتى الان”، مؤكدا بان “هناك فراغات كبيرة في المحافظة لايمكن اغلاقها الا من خلال قوات امنية اضافية”.
مصدر امني في ديالى اكد “تسجيل 7 خروقات في الفراغات الامنية بين ديالى وبغداد من جهة البزايز في الاشهر الماضية خاصة استهداف نقاط الجيش والرعاة والقرى ما ادى الى سقوط ضحايا”.
وأضاف المصدر ان “طبيعة الوادي وتضاريسه وكثرة الجداول والمبازل ووجود عشرات القرى المهجورة كلها عوامل ساهمت في توفير بيئة تساعد على اختفاء خلايا داعش التي تنشط في الليل وتهاجم بين فترة واخرى دوريات او نقاط امنية”.
واشار الى ان “قادة داعش تم قتلهم في تلك المناطق لكن اتساع الاراضي يزيد من تعقيد الموقف لكن الاجهزة الامنية تؤدي مهام ناجحة في تعقب وتمشيط المناطق بين فترة واخرى”.