هل يعود المالكي لرئاسة الحكومة .. وماذا بعد عودته
بقلم:د. صلاح الصافي
تم التصويت بالإجماع على ترشيح زعيم الائتلاف نوري المالكي للمنافسة على منصب رئاسة الوزراء المقبل وتم التصويت وفق المعايير التي حددها الاطار التنسيقي، ” الاجتماع ناقش مستجدات العملية السياسية وحث القوى السياسية للإسراع بتشكيل الحكومة ودفع الحزبيين الكرديين للاتفاق على شخصية محددة لمنصب رئاسة الجمهورية كونها العقدة الاساسية في تشكيل الحكومة”, مرجحا ان ” اجتياز المالكي لمنافسيه سيكون سهلا لما له من خبرة وشخصية قوية لإدارة المرحلة المقبلة وهي مرحلة صعبة ومعقدة “.
هذا ما صدر عن ائتلاف دولة القانون.هل هذا يعني أن المالكي يعود من جديد ؟؟؟.
بعد أن تولى ولايتين متعاقبتين بين 2006 و2014، شهدت فيها البلاد تفشي الفساد وسيطرت المقربين له على مقدرات العراق، أدّت في النهاية إلى وقوع أكثر من ثلث مساحة العراق تحت احتلال تنظيم “داعش”، إضافة إلى أن عمليات الفساد الضخمة كبّدت البلاد خسائر كبيرة تقدر بمئات المليارات من الدولارات، ما زالت الجهات القضائية عاجزة عن تحقيق تقدم بملفات الفساد المتعلقة بها بفعل ضغوط سياسية بهذا الخصوص.
وقد صرح المالكي لقناة العالم الفضائية قبوله الترشيح بعد أن كان يعلن أنه لن يتولى رئاسة الحكومة من جديد حيث قال “أنا لا أسعى لها، ولكن إذا هي سعت لي أنا سأقول أهلاً وسهلاً لكي أخدم، وليس لكي أعيش رئيس وزراء على الطريقة التي يريد أن يكون البعض رئيس وزراء كيفما يكن”.
ولا تزال البلاد تعاني لغاية الآن من آثار حقبة المالكي التي تقدّر عدد الضحايا بعشرات الآلاف من المعتقلين والمختطفين، فضلاً عن نحو ربع مليون عراقي بين قتيل وجريح جراء اجتياح تنظيم “داعش” العراق وما خلّفه من مآسٍ.
وتبقى جريمة العصر الكبرى (سبايكر) التي راح ضحيتها أكثر من (1700) شاب عراقي مقترنه باسم المالكي الذي سلمهم على طبق من ذهب إلى داعش لينحروا كما تنحر الكباش، وموازنة عام (2014) تبقى علامة مميزة لفساد حكم المالكي والتي لا يعرف عنها شيء لحد هذه اللحظة.
كل ما قدمناه أعلاه غيض من فيض، فبعد هذا هل يمكن أن يرتقي المالكي سدة الحكم من جديد؟، في بلد العجائب كل شيء وارد، لكن السؤال الأهم هل تصمد الحكومة أما التحديات؟، وأهمها تلميحات السيد الصدر إلى أمكانية النزول للشارع، وهل يمكن للمالكي أن يتحالف مع من كان يصفهم بالعملاء؟.
قبل إعطاء رأينا، إن السيد الصدر سوف يندم على قراره بالانسحاب، لأنه ترك الساحة لخصومه الذين سرعان ما تحركوا بشتى السبل ليملؤوا الفراغ، وهم مندفعون الآن نحو تقاسم السلطة بالكامل، حيث أن السيد الصدر كان يتصور أن قراره بالانسحاب سوف يجعل حلفائه وغيرهم يتقاطرون بالوفود إليه ليس حباً بمشاركته، ولكنهم يعرفون ما له من ثقل في الساحة العراقية، إلا أن شركاءه بالتحالف الثلاثي استمروا باللعبة ولم يكترثوا لانسحابه، لأنهم اليوم يجنون مكاسب تعرض عليهم من الإطار أكثر مما يمنون النفس، بل الأكثر من هذا حتى عقدة قرار المحكمة الاتحادية تعهد لهم السيد المالكي بحلها.
كل البوادر تدل على تشكيل الحكومة من قبل الاطاريين، لكن وكما توقع زعيم “ائتلاف الوطنية” إياد علاوي، لجوء التيار الصدري إلى تحريك الشارع والخروج في تظاهرات من أجل انتزاع حقوقه، مبيناً أن زعيم “التيار الصدري” شعر بالحرج من عدم تشكيل الحكومة واضطر إلى الاستقالة، وقال علاوي، في تصريحات صحافية، إن “خيارات الكتلة الصدرية المقبلة قد تكون اللجوء إلى الشارع، والصدر شعر بالحرج من عدم تشكيل الحكومة على الرغم من امتلاكه 73 مقعداً”، وهذا الخيار المتوقع، وهذا الخيار لم يسمح للحكومة المتوقعة الاستمرار طويلاً، حيث أكدت في مقالي السابق أن استمرارها لن يدوم لأكثر من ثلاث أشهر، وبعد سقوط الحكومة تكون السقطة الأخيرة للمالكي ونهايته المحتومة، والنهاية التي أتحدث عنها هي محاكمته عن كل ما ذكرناه وبعدها يستريح وراء القضبان لما تبقى من عمره.