هل نجحت سياسة الاحتلالات العسكرية لغرض تغير الانظمة؟
أ.د عبودي جواد حسن
حاولت امريكا و الناتو مع اواخر القرن العشرين و مطلع الالفية الثالثة تغير بعض الانظمة المناهضة للسياسات الامريكية عن طريق الاحتلال العسكري والاتيان بزعامات مشبوهة لادارة البلاد(Regime Change ). هذه الزعامات عادة ماتكون منبوذة من طرف شعوبها لانها لم تقاوم فعليا الاطماع الاجنبية سواء من الداخل او الخارج ولم تعاني ما عانت القيادات الاصيلة.فبعد انسحاب قوات الناتو بقيادة امريكا من افغانستان في العام الماضي وسيطرة طالبان على البلاد ووصولهم الى العاصمة كابل هرب رئيس الدولة المنتخب في ظل الوجود الاجنبي اشرف غاني بمعية عدد من مرافقيه وكميات من الاموال والموارد.مهما كانت مواقفنا ومعتقداتنا لابد لنا ان نقر ببطولة القائد الصامد امام اعداءه مهما كانت قوته بالنسبة الى اعداءه ومقياس البطولة هو الارادة بالتضحية من اجل المعتقد والحب للارض والجماعة وليس فقط الاتكال على الاخرين من اجل تحقيق الهدف. دعك من الاختلاف والتبخيس وعليك بالواقعية وعدم ان تؤاخذ على القائد منزلة مهنته السابقة في الميزان المجتمعي. اذ لابد لكل فرد سواء اكان قائدا في الجماعة او فردا عليه ان يمارس المهنة او العمل الذي يحبه ويختاره من اجل العيش في المجتمع. وعندما يصعد الى موقع القيادة علينا قياس ادائه على اساس حبه لكل او اهم انتمائته وليس وصمه بمنزلة مهنته.الفرق بين القائد والزعيم ان الاول(Leader ) يصل الى موقعه كالسيل الدافق وله مقبولية وحب واحترام حقيقي لايوصف وعلى نطاق واسع داخل وخارج مجموعته وقوة ارادة واضحة للاعيان. ومن مميزات القائد انه لايدعي دوما بصواب رأيه ويتعامل مع جميع المحيطين به دون تميز كل حسب وظيفته ويتحلى بالموضوعية ولابد ان يكون مستمع جيد ولنا في رسول الله (ص) وآل بيته واصحابه المثل الاعلى . وفي عصرنا هذا شهدنا عدد من القادة العظام مثل مانديلا وغاندي وغيرهم من القادة المرموقين على سبيل المثال لا الحصر.اما الثاني اي الزعيم هو من ترفعه الاقدار والاحتلالات والاقكار والمعتقدات التي لاترضي الجميع بل احيانا ترهب وتخيف من يحيطون به من بين جماعته والغرباء كذلك وارائه و قرارته لاتتفق مع الاغلبية او الجميع واحيانا يثبت على قرار ويتسم بالمزاجية والتقلب واتخاذ المواقف المتضادة بعلم اوبدون علم. ويفرح ويسر بالمديح من طرف المنافقين من جماعته و من خصومه واعداءه.وفي الدول الاشتراكية ذات الحزب الواحد وكذلك في الدول التي يترأسها الاثرياء والمتسلطين والمتنفذين يقال للمسؤول الاعلى في البلاد يقال له الزعيم (ٍStrong Man ).في هذه الدول عادة يكون المسؤول الاول او صاحب الكلمة الاخير هو الزعيم الثري او المتنفذ او زعيم الحزب الواحد وعادة ما يكون زعيم الحزب الشيوعي كما هو الحال في الصين وكوريا الشمالية. المشكلة عندنا في الاعلام نعتمد كثيرا على المترجمين وعلى محررين لايعتمدون على جذر الكلمة العربية فيخلطون بين الاثنين الزعيم والقائد او يعتمد المترجمون على الترجمات الحرفية كما هو الحال مع عبارة (Strong Man ) التي عادة ما يترجمونها بالرجل القوي .ما سبل التمييز والتفريق بين هاتين المفردتين ؟ المحك :هو الاحداث الكبرى او المصيرية والقدرة على قياس الخطورة والتنبوء الخفي بالتيجة النهائية من اجل صالح المجموعة التي يكون المرء على راسها. وكذلك وضع مصير وصالح الجماعة في قمة الاولويات وابداء نكران الذات وكسب ود ودعم الاطراف ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة.وعلاوة على مشاركته الاساسية في الكفاح المسلح يتزعم القائد ايضا النشطات السلمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من النشطات غير الحربية ايضا بالاضافة الى متعلقات القيادة اليومية شأنه في ذلك شأن اي فرد في جماعته.خلاصة القول لا نجاح لمن ينصبون على شعوبهم من طرف جهات خارجية او اجنبية مهما كانت وسيلة الاختيار والتنصيب بالاحتلالات او بالانتخابات في ظل الاحتلالات وذلك لعدم وجود القيادات الاصيلة برغم وجود زعامة لا شعبية ولا كريزما لها.