هل لنا حياة جديدة خارج السياسة؟
د. فاتح عبدالسلام
في عالم التسويق والتجارة اليوم، يلمس الافراد عناية خاصة من الشركات لضمان استمرارية جذبهم والتعامل معهم بيعاً وشراءً. هناك أساليب وسياقات كثيرة تصنع أُسَراً من العلائق بين الشركات والزبائن. هذه التقاليد الجديدة عززها البيع الالكتروني في معظم دول العالم، في حين لا تزال التجارة الالكترونية في الدول العربية في مستوياتها الدنيا أو انها في بعض الحالات مجرد نوع آخر من البيع المباشر واستلام ثمن المادة المباعةعند التسليم، وذلك بسبب ضعف الأنظمة المالية والمصرفية واعتمادات الافراد فيها، وهذا نجده في العراق، إذ سمعنا معلومات موثقة عن سياسيين يدفنون اموالهم النقدية في مزارعهم ومنازلهم وقراهم البعيدة بدل وضعها في البنوك، والسبب واضح في ذلك وليس له علاقة بالثقة بالبنوك او عدمها، لكن هناك عادة للمواطنين العاديين، مستمرة ومتفشية أيضاً في تجميع المدخرات في البيوت، وكما يقولون تحت المخدة أضمن.اللافت انّ خدمة ما بعد البيع التي تحظى بالأولوية في مجال التنافس العالمي، لا تجد لها طريقاً في بلدنا، بالرغم من اننا في كل حكومة نرى عناوين التكنوقراط والذين عايشوا تجارب غربية ناجحةفي العالم المتقدم، من دون ان يفكروا يوما في التثقيف عليها واشاعتها في النظام الحياتي للناس بالعراق، انسجاما مع تطور الزمن. الشركات في العالم ترسل للمشتري رسالة تطلب فيها مصارحتها عبر أسئلة محددة تلقى اهتمام الحلقات القيادية في الشركات حول درجة نجاح تقديم الخدمة له، وفي حالات كثيرة يتصلون به ويحاولون تصحيح ما كان غير مناسب للزبائن.حين نشتري أية سلعة، ثلاجة أو طباخا أو سيارة، يطلبون منك تزويدهم بوسيلة لإدامة الصلة معك. ومثلما تريد ان تعرف أصل السلعة وفصلها عند شرائها، فإنّ الشركات تريد متابعة مصير سلعتها عندك. ذلك انَّ لكل حاجة تاريخاً في التعامل، وليس هناك شيء سائب، ليس له ما قبل وليس له ما بعد، كما في العراق اليوم، حيث الوزير يتبدل كل سنتين او اربع سنوات ولا يعود الى ما كان منجزاً أو مخططا له، كما انه لا يترك لخلفه ما يستدل به إلا الأمور العامة، ولعل الجانبين لا يسألان عن شيء ولا يهمهما سوى شغل المقعد الوزاري لمدة محددة، تحت خيمة الاطمئنان في غياب الحساب بسبب الكتل الساندة.اعرف ان تقاليد الحياة والأسواق والتعاملات لا تصنعها الحكومات ، لكن بما انها تعلن تبنيها نهج القطاع الخاص والشركات والاقتصاد الحر، وترقص مع البنك الدولي في كل مناسبة ، فإنّ لها مسؤولية عبر التشريعات والمراقبة والاعلام في اجتراح المسارات الجديدة والحفاظ عليها .