هل فشلت واشنطن في أول اختبار؟
د. فاتح عبدالسلام
ما الذي يحدث بالضبط؟ ولماذا تبدو الاتصالات غير مجدية مع طرفي الصراع لوقف حرب غزة التي زادت من تداعيات نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة أصلاً منذ عقود؟ ولماذا تتجاهل الدول مبدأ التصدي لاستخدام القوة المفرطة؟ هذه الحرب لن تتوسع او تكون حربا اقليمية كما كان المصطلح ينتشر بسرعة على ألسُن المحللين وتوقعاتهم قبل عقدين أو ثلاثة عقود. لم يعد في الاقليم كله دولة لها مشكلة جدية مع اسرائيل أو أنها تضع في حساباتها نشوب حرب تخصها وتكون اسرائيل طرفها الآخر. لا أحد يستطيع أن ينكر أنَّ هناك مشكلات ملحوظة لكنّها أقرب الى النوع التقني والزعل الشخصي في مسار العلاقات مع اسرائيل منها الى الصراع البارد أو الساخن. اعتاد العالم أن ينظر الى الموقف الامريكي ودوره في احلال السلام عندما تشتعل النار في الشرق الاوسط، بالرغم من تجارب سابقة تكشف هزال الحصيلة التي تستطيع واشنطن انجازها منذ خطوات قام بها الرئيس الاسبق بيل كلينتون في جمع أطراف الصراع على مقتربات خارطة طريق للسلام قبل أن تنتكس الجهود. لن تستطيع الادارة الامريكية الحالية أن تعاود دورها بطريقة مقنعة ومحايدة في ملف السلام وقضية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، إذا فشلت في هذا الاختبار الجاري في اطفاء هذه الحرب، وهو الاختبار الذي لم تنجح فيه حتى الآن. الاتصالات الدولية جارية، وهناك فتح لأكثر من ملف يخص القدس والاستيطان ثم غزة ، لكن الأولوية تبقى لوقف القصف الذي قتل عشرات الاطفال وهدم آلاف الوحدات السكنية لشعب يكاد يكون معدماً تحت ظروف حصار طويل، لم تكن يد العرب بعيدة عنه. الحرب ستنتهي في ظرف أيام مقبلة، لكن ستنكشف المواقف وأدوار التأثير السياسي بين الدول، وكذلك التصريحات والشعارات الفارغة والكاذبة التي شغلت نشرات الاخبار سنوات طويلة.