هل سيصبح ليلنا نهاراً!
محمد حسن الساعدي
الحكايات في بلد العجائب”العراق” كبيرة ومتعددة الأوجه، والمفارقة الغريبة أن بلدنا محطة اختبارات حتى للدول الفقيرة، والتي تعتاش أو ما زالت عليه، كالاردن والتي تعتمد في نفطها على العراق المدعوم من الحكومة، ويباع بأسعار أقل من سعر السوق، حسب ما أعلنت شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، إن سعر البرميل النفط المصدر للأردن بلغ 24 دولاراً،ما يعني أن العراق يعتبر الممول الأول للأردن من النفط الخام، فكيف به وهو الآن يريد أن يستورد الكهرباء منها؟!المملكة بدورها ستتعاقد مع شركة سيمنس الألمانية، لإنشاء محطة توليد الطاقة الكهربائية، وسيقوم العراق بدفع تكاليف هذه المحطة، وكذلك سيدفع تكاليف خط الربط الكهربائي بين البلدين.. كما أن المملكة ستقوم بتوظيف شركة لحماية أسلاك الطاقة، على طول امتدادها من الأردن إلى العراق، فيما سيقوم العراق بدفع رواتب موظفي هذه الشركة! أيضا ستقوم بغداد بتزويد المحطة بالبترول بتخفيض 20% من السعر العالمي، وبعدها سيقوم العراق باستيراد الطاقة الكهربائية بملايين الدولارات، في حين إن الكهرباء المستوردة من الأردن لاتكفي سوى 3% من حاجة العراق الفعلية وهذه النسبة ليست بالمهمة، والتي يمكن أن تخسر الدولة مبالغا بحجم هذه الأموال. النظرة الشمولية للحكومة العراقية لهذا الملف، حيث تسعى إلى مد خطوط الكهرباء مع دول الجوار،في حين أن العراق ينبغي أن لايكتفي ولا يعتمد على مد الخطوط الكهربائية مع هذه الدول، بل وضع خطط إستراتيجية واضحة لبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية، لسد النقص الحالي من الكهرباء بالكامل. كان الأولى بالحكومة العراقية بدل أن تصرف الأموال في الخارج، أن تسعى إلى “أقلمة الكهرباء”عبر إنشاء محطات كهربائية في كل محافظة عراقية وحسب الكثافة السكانية، على أن تكون بأحدث درجات التقنية، لمنع أي تجاوز على خطوطها الإستراتيجية أو الداخلية، فبدل أن نعتمد على استيراد الكهرباء، لماذا لا تذهب وزارة الكهرباء إلى بناء المحطات، وإجراء الصيانة الدورية للمتوقفة عن العمل بدون سبب، وصيانة خطوط النقل المتوقفة بسبب الإرهاب أو غيره . أن عملية هدر الأموال بهذه الطريقة لا باب له سوى باب الفساد، الذي وصل إلى أرقام مخيفة في ملف الكهرباء، ما يستدعي وقفة جادة في هذا الجانب، وأيلاء هذا الملف اهتمام حكومي لمنع استغلاله من مافيات الفساد، التي تعتاش على مثل هذه الملفات الكبيرة والخطيرة.. من الضروري على الحكومة القادمة، أن تهتم بهذا الملف وتضعه تحت المجهر، للوقوف على خفاياه ومنع أي سرقات علنية فيه.. والا فهي لن تختلف كثيرا عن سابقاتها.. فالشعب ينتطظر منا ان تنير يومه، والا سيجعل الشعب أيامها ظلاما..