هل انتهى عصر الاقتصاد النفطي؟
علي حسن الفواز
هل يمكن الإدعاء بنهاية عصر الاقتصاد النفطي، وبدء عصر الاقتصاد الصناعي والاستثمار الصناعي؟ وهل هناك أطر واسواق وقوانين وبيئات تكفل وجودا حقيقيا لهذا الاقتصاد؟هذه الأسئلة ستكون واقعية، وقابلة للتنفيذ، مع وجود ارادة وتخطيط وسياسة ومال، حيث سيمكنها المساعدة في تجاوز كثير من العقد التي تعاني منها اقتصادات النفط، وفي ايجاد مجال أكثر سعة لصناعة الثروة، ومعالجة رثاثة التخلّف والبطالة، واحسب أن وجود نماذج ناجحة مثل منظمة الدول الصناعية السبع، او دول العشرين، ومنظمة شنغهاي، دليل على امكانية توسّع وحيوية الدول التي تتبنى برامج تخصّ الاقتصادات اللانفطية، والتي يدخل الاستثمار الصناعي في سياق برامجها وأهدافها.
هذه النماذج، وفاعليتها في السوق العالمية تعني امكانية وجودها في الواقع ذي الاستقرار المالي والسياسي، لكنها في بيئة ريعية مثل بيئتنا الاقتصادية تتطلب اجراءات وسياسات ليست سهلة، لأنها تتطلب البحث عن وسائل جديدة لتطوير العمل الصناعي، على مستوى التوصيف والتوظيف والمعالجات المالية والتقانية، وباتجاه يتعزز فيه مفهوم الاستثمار الصناعي، على مستوى الفهم والقبول، أو على مستوى التداول، حيث امكانية توظيف الاموال في مجال تنمية حركة الصناعات الوطنية، وتطويرها لتكون مصدرا لتعظيم الثروة الوطنية، ولخلق بيئة للمنافسة بين الصناعات الوطنية، والأخرى المستوردة، مقابل أن تقوم الجهات المعنية بوضع سياقات عمل للفحوصات النوعية، وهذا يعني- من جانب آخر- تنسيقا مع المؤسسات المصرفية على مستوى من التخطيط والحوكمة، او على مستوى تنشيط عمليات الائتمان المصرفي وايجاد نظام جديد للفوائد وللتسهيلات المصرفية، الذي ينعش العمل المصرفي، مقابل انجاح عمل المشاريع الصناعية.
إن فاعلية التنسيق تتطلب جملة من الاجراءات، التي تخص منح القروض من المصرف الصناعي، مقابل وجود الضمانات الكافلة لذلك.
وهي اشكالية من الصعب جدا تفعيلها، وهو يستلزم تدخلا حكوميا، للمعالجة، ولوضع الأطر التي تُنظّم الاجراءات، والتي تقوم على قاعدة تفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص،
وعلى وفق سياقات عمل تضمن حقوق الطرفين، فضلا عن ايجاد بيئة يمكن أن ينتعش فيها الاستثمار الصناعي، اي بيئة للأمن الاستثماري، حيث يُحمى المستثمر من قبل الدولة، عبر قوانين وقرارات لازمة، ووجود سيطرة نوعية للمواد المستوردة، مقابل حماية المواد المنتجة وطنيا، وبما يجعل الأمن الاستثماري متكاملا مع الامن المجتمعي والامن السياسي، وعبر اجراءات قانونية لحماية المنافذ الحدودية، وعبر تنظيم وتوحيد آليات التعرفة الجمركية، وكذلك عبر مواجهة اغراق السوق بالسلع المستوردة، بعيدا عن أية حماية حقيقية للمنتج المحلي من جانب، وحماية للمستهلك العراقي من جانب آخر.