هل المشهد الأمني حقيقي؟
د. فاتح عبدالسلام
لا يمكن النظر الى تكرار الهجمات التي يشنها تنظيم داعش على المناطق المحاذية لإقليم كردستان العراق بكثافة الا من خلال انها توقيتات مدروسة يقف وراءها من يريد تحريك أوراق سياسية وميدانية في العراق بكل تخطيط واصرار. طالما كان العراق في خلال ثماني عشرة سنة ميدانا مفتوحا لجميع أنواع القوى الخارجية، ولم تجد اية جهة استخبارية صعوبة في التغلغل داخل العراق واللعب بمقدراته، لاسيما في أوقات الغياب الكامل للدولة والقانون في بلدات ومدن خضعت لتنظيم داعش او كانت مساحات للانفلات الأمني وغياب السلطة قبل خمس عشرة سنة او أكثر او قبل خمس سنوات. عدم قيام الدولة المنيعة القوية في خلال هذا الوقت الطويل الذي مضى، هو السبب المباشر في جعل الأوضاع الداخلية متقلبة وغائمة في بعض الأحيان، لاسيما حين تحركها رياح خارجية. هل من الطبيعي أن يجري الحديث عن وجود عشرة آلاف عنصر من تنظيم داعش في مناطق متفرقة في العراق وسوريا، ويمر هذا الحديث مروراً عادياً؟ حتى لو كان الرقم مبالغا فيه فإنّ ربع العدد يشكل تعداد لواء قتالي وهذا له ان يقلب موازين في الوضع الأمني. داعش الذي انتهى رسمياً بهزيمة في العراق عسكريا قبل خمس سنوات، يدخل اليوم معارك شبه نظامية وعبر حرب العصابات ضد قوات نظامية في الإقليم او المدن العراقية الأخرى، وهذا يقودنا الى أسئلة مهمة عن قابلية الإبقاء على قيد الحياة في الكهوف والبراري مع امدادات لوجستية لشن هجمات عسكرية . ثمة حلقات مفقودة في الإجابات الأمنية حول ما يجري في العراق، ربما بسبب العلائق السياسية او الخارجية، لذلك لا توجد توقعات نهائية حول نهاية التنظيم الذي يقلق البلد بهجمات تستهدف غالبا قوات عسكرية ما يعني ان المهاجمين استعدوا لمواجهة وهجوم مضاد من قبل القوات الأمنية، وهذا يزيد من تعقيد المشهد.