هذا هو الفارق الكبير التالي بين إسلامي تركي و بين إسلامي شيعي ــ سني عراقي
بقلم مهدي قاسم
في غضون أقل من بضع ساعات تمكنت عناصر القوات الأمنية التركية من إلقاء القبض على منفّذة عملية تفجير منطقة تقسيم في تركيا ، رغم هروبها بعد تنفيذ عملية التفجير مباشرة ، مختلطة مع مئات من أناس آخرين ركضوا خوفا و هلعا ، مبتعدين عن موقع التفجير ، وأن دلت سرعة عملية إلقاء القبض هذه في مدينة كبيرة وشاسعة أطراف كهذه ، على شيء ، إنما يدل على المستوى المهني الجيد لعناصر الأمن التركية ، وكذلك لإخلاصهم الوطني لبلدهم التركي أولا وأخيرا ..
إذ إن المهنية الجيدة والممتازة وحدها لا تكفي دون أن يدعمه و يرافقه ولاء أو شعور وطني مخلص و ثابت للوطن الأم ..نقول كل هذا ، لكون طبيعة وهوية النظام التركي الحالي نظام إسلامي صرف ، أو شيء من هذا القبيل ، وأن أردوغان نفسه محسوب على الإخوان المسلمين ، ولكن في الوقت نفسه أثبت أردوغان أن شعوره الوطني وإخلاصه القومي التركيين فوق شعوره الديني عندما يتعلق الأمر بوضع وتراتب أولوية واعتبارات المصلحة الوطنية التركية و تقديم خدمتها فوق أية اعتبارات أخرى ..و أردوغان نفسه لما استطاع أن يكون هو وحزبه في هذا الموقع السياسي المتقدم الحالي ما لم يبدأ أولى إنجازاته عندما كان رئيسا لبلدية إسطنبول ، حيث خطوة بعد خطوة قام بتطوير و تحديث و عصرنة هذه المدينة المتخلفة ــ حينذاك ــ لتكون بمستوى المدن العصرية المتقدمة في العالم سواء عمرانيا أو على المستوى الخدمي الراقي والممتاز الحالي ، ومنذ ذلك الحين كافئه المواطنون الأتراك على أساس هذه الإنجازات في كل دورة انتخابية إلى أن أضحى رئيسا للجمهورية التركية و حزبه حاكما لعدة دورات انتخابية ..ويجدر الإشارة هنا إلى إن المواطن التركي ينتخب مرشحيه على أساس إنجازات و ليس على أساس مشاعر قومية أودينية أم مذهبية ، مثلما هي الحال عندنا في العراق منذ سنوات طويلة ..فهنا نجد الفرق الهائل بين إسلامي سياسي تركي وبين إسلامي سياسي عراقي متنفذ ( بشقيه الشيعي , السني ــ بصفته لصا فسادا و ذي ولاءات أجنبية بالضد من مصالح العراق ) ، حيث أثبتت التجربة الماليزية سابقا والتجربة التركية حاليا أنه ليس للعقيدة الدينية المعتدلة من دور كبير أو صغير في قيادة دولة ما وتطويرها وتحديثها لتكون في ركب الدول المتقدمة ، فيما إذا وجدت النوايا والمشاعر الوطنية الأصيلة إخلاصا حصريا للبلد الأم ، بدلا من خدمة مصالح بلد أجنبي في إطار من عمالة أو تبعية ذليلة وخسيسة كما الوضع السياسي الراهن حاليا في العراق الذي بات مخطوفا من قبل أحزاب طائفية فاسدة و ذات ميول و تبعية للأجنبي الطامع.